

د.مطيران النمس
كيف نحصل على السعادة
ما بين شغل الحياة الذي لا ينتهي وما يتخلل ذلك من ضغوط نفسية تجد بعض من أفراد المجتمع من يعاني من التعب والإرهاق وتختلف درجة التحمل من شخص لآخر فهناك من يتكيف مع هذه المعطيات ويحمد الله على ذلك ، فيما تجد البعض الآخر يصنف نفسه ؛ بأنه غير سعيد وغيره يتمتع بالسعادة الكافية ويصنف ذلك من خلال ما يشاهده من صور على أرض الواقع لدى بعض الناس وما يتوفر لهم من ملذات الحياة وما يتحقق لهم من أهداف وأحلام ، ويتوقع ويضع في مخيلته أنهم هم السعداء، فتجده يجلد ذاته بقسوة ويوجه اللوم لنفسه كثيراً ويندب حظه بشكل مستمر ويتأفف من معيشته في هذه الحياة مما يتسبب له بالضغط النفسي وتضيق لديه دائرة الحلول والتفكير، ويؤثر ذلك على نفسيته وقد يتسبب له ذلك في العزلة الاجتماعية ، لكن لو فكر هذا الأنسان قليلاً بشكل صحيح وبعمق وفهم كافي لا تضحت لديه رؤية الصورة الحقيقية بشكل أفضل وأدرك بأن ليس كل الناس سعداء سواء من البسطاء أو الأغنياء وان بعض المشاهد التي رآها قد يكون خلفها أناس تعساء ، أحياناً تجد فقير سعيد جداً ومتكيف مع وضعه ،فيما تجد غني غير سعيد وهو يملك ثروة طائلة، إذن السعادة لا تحتاج لمال كثير ولا مال قليل بقدر ما تحتاج إلى تنوع إيجابي وتكيف مع معطيات الحياة ، التنوع والتعدد في مصادرها ومدخلاتها سواء الداخلية أو الخارجية يكسبك السعادة ويساعدك على تحقيقها على أن يكون للإنسان دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز والعمل وعلى أن يكون أول مصدر لها هو الدين، ومن ثم توسيع الدائرة الاجتماعية وتكوين شبكة من العلاقات الاجتماعية الانسانية الجيدة والايجابية المميزة ، سواء كان ذلك من دائرة الأقارب أو الأهل أو الجيران أوغيرهم من أفراد المجتمع ، وكذلك توثيق العلاقة مع الأصدقاء حتى لو كان ما يرتبط بهم الشخص بشكل يومي أو يلتقي معهم بشكل مباشر، إضافة إلى تكوين العلاقات السامية في محيط العمل ولا نغفل أيضاً عن دور الأشياء المادية والتي تعتبر من مصادر السعادة ولكن بشرط أن لا يجعلها الفرد هي أصل بقدر ما تكون جزء من مفردات هذه المنظومة الجميلة ، ويجب على الانسان أن لا يحصر نفسه في زاوية ضيقة أو ينهل من مصدر واحد حتى لا يعرض نفسه للخطر أو الحرمان من مشاركة المجتمع والتفاعل مع أفراده وثق دائماً ؛ بأن السعادة المؤقتة التي يحصل عليها الفرد من بعض الأشياء ويجد فيها نوع من المتعة السريعة فهذه ليست سعادة ، فالبحث عن الاستدامة أمر مطلوب وفي غاية الأهمية ؛ ما نلاحظه هذه الأيام في شهر رمضان المبارك من قيام كثير من الشباب المتطوعين أوغيرهم من الناس ممن يقدمون أنواع من الخدمات المختلفة في العمل التطوعي مثل مد يد العون والمساعدات للمحتاجين وبذل سبل العطاء والتميز بالأخلاق العالية والكلام الطيب والتعاون مع بعض الجمعيات وتقديم الخدمة للناس فهذه الأشياء اعتبرها من عناوين السعادة الحقيقة ، فكلما بذل الشخص العطاء وقدم الكرم وتسامح مع الناس وعفا عنهم من نفس راضية ونبعت من ذاته ، اعتقد أن هذه قمة السعادة ؛ وبالتالي إذا نظرنا إلى السعادة بهذا المفهوم النبيل واستطعنا ان ننوع في مدخلاتها ومصادرها ؛ بإذن الله سوف نكون من أسعد الناس .
الحطيئة :
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
وَما لا بُدَّ أَن يَأَتي قَريبٌ
وَلَكِنَّ الَّذي يَمضي بَعيدُ
د. مطيران النمس

