النهار
بقلم - أحمد الظفيري
المدن لا تكتمل بالخرائط والمباني، وإنما بما تزرعه في حياة الناس من راحة وجمال وفرص.. الدمام اليوم تجسد هذه المعادلة بامتياز؛ مدينة سعودية قفزت إلى المركز الثاني وطنيًا، والثالث عربيًا في مؤشر جودة الحياة العالمي لعام 2025 وفق تصنيف Numbeo، في إنجازٍ يعكس تحولًا في فلسفة بناء المدن السعودية.
هذه القفزة ثمرة عمل متواصل بدأ مع رؤية المملكة 2030، التي حولت المدن إلى مختبرات حية للتنمية الحضرية الحديثة.
وجدت الدمام في موقعها البحري وانفتاحها الاستثماري فرصة لتعيد تعريف نفسها كمدينة متكاملة تجمع بين الاقتصاد والسياحة والطبيعة والإنسان.
تبدو الدمام اليوم نموذجًا لمدينة تصنع مستقبلها بجودة الحياة.
فمشاريعها الممتدة من المدينة العالمية عند بحيرة سيهات إلى كورنيش الحمراء وجزيرة المرجان ومتحف المانجروف تشكل مكونات استراتيجية لمشهد حضري متكامل، يوازن بين متطلبات الاقتصاد واحتياجات الإنسان ورفاهيته.
الواجهة البحرية تمثل “وجه الدمام المشرق”، والجهة الغربية “قلبها النابض”، حيث تنتشر المناطق الصناعية واللوجستية التي تُسهم في تعزيز مكانة الدمام كمركز عالمي للطاقة والخدمات، لتظل المدينة تجمع بين القيمة الاقتصادية والجاذبية الحياتية في معادلة متناسقة.
هذا التحول نتاج تفاعل ذكي بين القطاعات؛ فالشراكة بين القطاعين العام والخاص، والدور المتنامي للمستثمرين المحليين والدوليين، أعادت صياغة المشهد الاقتصادي والحضري، لتغدو الدمام اليوم نموذجًا سعوديًا للتكامل التنموي.
ووسط هذا الحراك، تبرز البيئة الخضراء والحدائق العامة كلغة هادئة تعبّر عن أن التنمية هي توازن بين الإسمنت والأشجار، بين الحراك الصناعي والتنفس البيئي.
ما حققته الدمام يثبت أن المدن تتغير حين يتغير وعيها بنفسها، وأن جودة الحياة رؤية تُبنى بالتخطيط والمثابرة، لا الشعارات، هذا هو التحول الذي نراه اليوم: "مدينة سعودية تسابق الزمن لتضع نفسها على خريطة العالم، مدينة تفكر وتبتكر وتعيش المستقبل الآن".