عبدالله الكناني

٠٧:٢٥ م-٢٦ يوليو-٢٠٢٥

الكاتب : عبدالله الكناني
التاريخ: ٠٧:٢٥ م-٢٦ يوليو-٢٠٢٥       9680

بقلم: عبدالله الكناني
في وطنٍ أُسِّس على قيم العدل والرحمة، وجعل من الإنسان محورًا لكل تنمية وغاية لكل رؤية، تأتي مبادرة  السبت البنفسجي  لعام 2025 لتُجسّد أحد أنبل أبعاد رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تلك الرؤية التي لا تكتفي بإعلان المبادئ، بل تحوّلها إلى سياسات، وتترجمها إلى برامج، وتغرسها في ضمير المجتمع ممارسةً وتفاعلًا.

السبت البنفسجي ليس مجرّد يوم في الروزنامة، بل لحظة وعي، وموقف حضاري، ورسالة مفادها أن الأشخاص ذوي الإعاقة ليسوا خارج المشهد، ولا على هامش الحياة، بل في صميم الوطن، شركاء في حاضره، وصنّاع لغده، وعناصر فعالة في تنميته، إذا ما أُتيح لهم ما يليق بكرامتهم ويستثمر ما يملكون من طاقات.

اللون البنفسجي، الذي يجمع بين دفء الأحمر وهدوء الأزرق، هو في حقيقته تجسيد للاعتدال، والتوازن، والبصيرة، وهو ما يعكس النظرة المتقدمة التي تتبناها المملكة تجاه قضايا الإعاقة، إذ لم تعد تُنظر إليها من منظور العجز، بل من زاوية التنوّع الإنساني الذي يحتاج فقط إلى التمكين والاحتواء.
وما مبادرة  السبت البنفسجي  إلا تجلٍّ لهذه الرؤية المتزنة، حيث تُقدَّم العروض والمزايا التجارية والخدمية في صورة من صور الوفاء المجتمعي والتفاعل المسؤول.

لقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – عناية فائقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وكرّست في سياساتها وبرامجها كل ما يُسهم في تعزيز حضورهم، وضمان حقوقهم، وتحقيق اندماجهم الكامل في نسيج الوطن.
وتجلّى ذلك في التوسع النوعي في الخدمات المقدمة، من الرعاية الصحية والتعليم الدامج، إلى التدريب والتأهيل والتوظيف، مرورًا بالخدمات الثقافية والاجتماعية والإعلامية والرياضية، وصولًا إلى البيئة التشريعية والتنظيمية التي تضمن الاستدامة والعدالة.

إن عمق هذه المبادرة لا يكمن فقط في أبعادها الاقتصادية، بل فيما تحمله من رسائل أخلاقية وتنموية، تُعلي من قيمة الإنسان، وتُعيد تشكيل الوعي المجتمعي تجاه ذوي الإعاقة، وتحث كل القطاعات على مراجعة دورها في منظومة التكافل الوطني، والعمل من أجل بيئة عادلة تُتيح للجميع فرص النمو والمشاركة والإبداع.

وإذ نحتفي بهذا اليوم الرمزي، فإننا لا نحتفل بلون أو مناسبة، بل نحتفل بوطن اختار أن يكون عادلًا، وأن يجعل من كل فرد لبنة في بنائه، لا يُقصي أحدًا، ولا يُهمّش طاقة، بل يُنصت لكل صوت، ويحتضن كل اختلاف، ويُحوّل التحديات إلى محفزات، والاحتياج إلى فرصة. فهنيئًا لوطنٍ ينسج من الرؤية واقعًا، ومن الوعي ممارسة، ومن الإنصاف مستقبلًا يتسع للجميع.