

بقلم: علي بن عيضة المالكي
يتبع بعض القياديين أسلوبًا واقعيًّا يساعدهم على إنجاح أهداف مؤسساتهم التي يرأسونها، ويوغلون في استعمال الذكاء الاجتماعي، والوجداني رغبة في اختزال الوقت والجهد والنأي بمصلحة المؤسسة عن كل الصراعات وفصلها عن كافة المشتتات؛ لذا تجد البيئة عندهم جاذبة، ومنجزة تتحرر من القسرية، والتعسفية.
يمكننا أن نطلق على مثل هذا النموذج من القادة! بالقادة العظماء، بالتأكيد عظماء نظرًا لأنهم يستخدمون أسلوبًا مميزًا من القيادة يقوم على فتح مساحة واسعة من الإبداعية، وتحمل المسؤولية، وسهولة المحاسبية، والمراقبة بذكاء، والإشراف المتوازن.
لقد سعى علماء الاجتماع باستمرار إلى بناء استراتيجيات في القيادة وعملوا على تطوير نظريات الإدارة والقيادة على حد سواء حرصًا منهم على تحقيق أهداف المنظمة فاخضعوا صف القيادات إلى اختبارات دائمة رغبة في النهوض بالخطط لأنهم يرونها كظاهرة اجتماعية ومؤثر قوي على الفرد والمجتمع ، كما رأوا أنه من خلال الملاحظة والتجريب يستطيع القائد تحسين قدراته ، وبذل مزيد من الجهد في دراسة كيفية تعليم المرؤوسين نظريات القيادة وفهم الواقع واستيعاب العمليات المعرفية والتأثيرات البيئية والتكيف معها وبناء ذاكرة إدارية قادرة على حل المشكلات والانتباه للظروف والتحديات ومواجهة الصعوبات.
في هذا المقال ومن خلال نتائج الدراسات التي أجريت على مجموعة من العاملين يعملون في قطاعات مختلفة ، يمكننا تفسير نجاح بعض المؤسسات كون القيادة فيها كانت تتبع منهجًا علميًّا وأخلاقيًّا وإداريًّا متوازنًا ساعد في تميزها.
إذن يعتبر القائد له دور في التألق والتفوق ، نعني تألق العاملين ، وتفوق المؤسسة على نظيراتها ، نحن بذلك أمام قائد تتعاظم مهامه وتنمو مسؤولياته في نفوس زملائه لذا سوف نسلط الضوء على النتيجة التي أظهرتها الدراسة:
النتيجة الأولى / كيف نصنع قائدًا في وسط العواصف !
لكي نصنع قائدًا قادرًا على النهوض بالعمل وبالعاملين وبالمنظمة يجب أن تكون لديه صفات أصيلة يتمتع بها وتنمو معه كالصبر على تبدل الأحوال ، والصبر على الظلم لأنه بطبيعة الحال الأعمال لا تخلو من التظالم لذا واجب عليه أن لا يبيع ضميره ، ويزداد صبرًا عندما تشتد عليه الظروف ولا يستسلم عندما لا يصفق له أحد ويحمل في قلبه صدق النية وفي عقله رجاحة التفكير ، وفي أفعاله ميزان العدل ، ولا يعلو صوته ليثبت نفسه ، بل تسبق أفعاله أقواله ويترك بصمة في القلوب قبل أن يتركها في التاريخ ، ويتحمل المسؤولية حين يهرب الآخرون ، ويواجه الصعاب بثبات دون أن يطلب الشفقة أو التقدير ، ويكون نبيلاً حتى في قمة ألمه قادرًا على العطاء في أقسى المواقف ، ولا يخون العهود والمواثيق التي أقسم عليها في وثيقة المهنة.
النتيجة الثانية / ما الأنماط التي يتعين على القائد استعمالها ليضمن معها فهمًا واسعًا لمعنى القيادة؟
وما الأساليب التي يجب عليه اتباعها حتى يراهن على نجاح عمله بشكل عام ، وبصفته قائدًا لمجموعة من العاملين معه يهمه نجاح الخطط.؟
خلصت الدراسة إلى :
حتى تنجح في قيادتك لزملائك ضروري أن تتحلى بمجموعة كبيرة من القيم والمهارات أهمها:
1/ كن سياسيًّا بارعًا في العمل ، ولا تظهر كل ما تعرفه ، احتفظ بجزء من المعرفة لا يراه أحد غيرك فأكثر ما يربك الخصوم ألا يعرف إلى أي حد أنت تعرف ، ثم لا تعارض علنًا كل ما لا يهمك ، وتكلم دائمًا بما يفيد.
2/ اصمت حين يكون الصمت هو القوة فكل صمت محسوب يبني لك سلطة لا تًرى ولكن الآخرين يحسون بها.
3/ اكسب ثقة المسؤولين الأعلى منك ، واسع إلى كسب احترام من حولك.
4/ كن على مسافة واحدة من الجميع ، واجعلهم يظنون أنك معهم حتى تضبح رقمًا صعبًا فلا يهمش ولا يستبعد.
5/ تعلّم أن بيئة العمل لا تعتمد على المهارة بل القدرة على فهم الأدوار المناسبة للمواقف.
6/ حافظ على هدوئك وحكمتك ؛ فالذكاء لا يظهر في سرعة الفعل بل في دقة التوقيت .
7/ كن طبيعيًّا حتى في احرج اللحظات ولا ترد بسرعة ؛ فالذي يتعجل في الرد يكشف ضعفه، راقب بصمت ودع الضوضاء تمر والأقنعة تسقط وحدها.
8/ لا تكشف كل نواياك واحتفظ ببعض الغموض.
9/ لا تكن نجمًا وتحيط نفسك بهالة من الذكاء والدهاء والقدر على معرفة كل شيء، حقيقي لا تدع الجميع يرى منك ذلك.
10/ قلل دائمًا من التوهج لتطيل بقاءك، ولا ما نع من أن تظهر بعض التردد وتتعمد ارتكاب الأخطاء البسيطة واحرص على أن تكون غير مؤثرة على الخطط العمل ، بعض الأحيان أنت بحاجة لمعرفة توجهات بعض الصامتين من الموظفين وردود أفعالهم ، هذا نوع من الاستراتيجيات المقنعة لزرع الطمأنينة في قلوب من يعمل معك..
11/دع المنافسين يرون أنفسهم أعلى منك، واحتفظ بالقرار الأخير لمصلحة العمل ، أقنعهم بأنفسهم ذلك يمنحهم مساحة ووقت للتفوق الحقيقي بعيدًا عن ضجيج العداوة والتنافس.
12/ احرص في الاجتماعات على شيء مهم أثمن من الكلام ، عليك أن تتنبه له خاصة حين تكون في اجتماع فلا تتألق في اللحظة الخاطئة هذا سيدمرك دعهم يخطئون وصحح لهم أخطاءهم بأسلوب يشعرهم أنهم اكتشفوا الخطأ من غير أن توجه لهم ضربة مباشرة.
13/ العمل لا يخلو من الخصوم ، ابتسم لهم ولكن احرص على أن تكون الابتسامة رسالة مفهومة ذات هدف مستخدمًا معها النظرات المدروسة ، فالابتسامة أحيانًا لا تعني السلام في كل مرة والنظرات لا يقصد بها التسامح في كل حزّة ، بل تعني أنك اخترت ساحة أذكى للمعركة، فأنت لا تنكر العداء إنما تديره بنعومة لا أحد يتوقعها ، واحرص على ألا تبدأ بالهجوم ، دع خصمك يحترق من الداخل بينما أنت تقابله بابتسامة باردة تربكه وتبعثر أفكاره أكثر من أي مواجهة ، عندها سيكتب النهايات بيده وبهدوء دون صدام أو حتى إنذار.
14/ استعمل السلطة البصرية ، لتكن أكثر أناقة ؛ فالأناقة في بيئة العمل ليست مجرد ذوق إنها إثبات للتفوق وسحب الأضواء بهدوء إليك ، هذا من شأنه أن يمنحك مساحة أكبر للسيطرة على المواقف التي يتعين فيها حضورك ، الأناقة في اللباس مطلب ضروري إلى جانب أناقة اللسان.
15/ لا تظهر التميز الزائد هذا يمكن أن يكلفك الكثير ، الإنسان لا يخلو من النقص فالكمال المصطنع يولد الأعداء.
16/ احرص على أن تظهر مهارتك بحذر فالقوة الحقيقة ليست في إثبات أنك الأفضل بل في جعل الآخرين يتقبلون تفوقك دون أن يشعروا بالتهديد.
17/ لا تكن عدوًا واضحًا لأحد ، تحلّ دائمًا باللباقة والدبلوماسية..
18/ امنح نفسك وقتًا للتفكير قبل الرد.
19/ لا تسمح لانفعالاتك أن تقود خطواتك، ولا تدخل معركة غير مدرك عواقبها؛ فالتهور لا يجعل منك بطلاً.
20/ القوة الحقيقية تكمن في ضبط النفس، فالهيمنة لا تأتي من الانفعال بل من الانضباط البارد، كن دائمًا هادئًا ولا تهتز.
21/ عليك أن تحذر من الانتحار المهني البطيء في بيئة العمل جدد نشاطك واحرص على ألا تحترق.
22/ استمع للجميع وصدّق القليل ولا تعطي الثقة المطلقة لا يمنع أن تؤجلها قليلاً فكل شخص يحمل وجهًا آخر لا تعرفه ولا يظهر إلا عندما تتعارض مصلحته مع وجودك.

