

النهار
بقلم: علي حسين
لم يأتِ بخطبة في ظهر كل يوم جمعة إلا وأنت تتساءل ما هذا الخطيب الشاب العجيب بارك الله في علمه في اختيار مواضيعه وانتقاء أساليبه وبحة صوته وتوزيع نظراته لكل الحاضرين في جامعه الذاكرين أربعة .. هذا الشاب دكتور في الدين تخصص قراءات وعقيدة لكنه متواضع جدا مع الجميع في الخطبة قبل الماضية تحدث عن الصبر فقال وأثّر فتأثر وابكى من قوة حبكة خطبته .. بعد صلاة الجمعة أردت السلام عليه فإذا الأطفال يتحلقون أمامه كالفراشات وكذلك الكبار
ومما جاء في خطبة الدكتور عمر الأنصاري عن الصبر حيث قال :
اِنْطَلقَ رَسُولُ اللهِ فِي خَيرِ أُمَّةٍ، بِأَعْظمِ رِسَالةٍ، وِأَصْدَقِ كِتَابٍ، وَأَتَمِّ شَرِيعَةٍ، وَلَقِيَ فِي سَبِيلِ دَعْوتهِ أَذَىً عَظِيمَاً، تَحَزَّبَ عَلَيهِ الأَحْزابُ، وَتَحَالَفَ الخُصُومُ وَالأَعْدَاءُ، وَتَنَوّعَتْ أَسَالِيبُهُمْ فِي الكَيدِ وَالحِصَارِ وَالمواجَهَةِ، وَفِي كُلِّ تِلكَ الموَاقِفِ، وَفِي جَمِيعِ المرَاحِلِ؛ يَتَوالى عَلَيهِ الأَمرُ الرَّبَانِيُّ بِمُواجَهَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالصَّبرِ وَالمصَابرَةِ، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}، {فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً}، {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}، {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}، {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ}، {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}، إِلى غَيرِ تِلكَ الآياتِ، وَهِيَ كَثِيرةٌ جِدّاً فِي كِتَابِ اللهِ، مِمَّا يُرَسِّخُ لَدَى المؤمِنِ رُسُوخَاً لا ارْتِيَابَ بَعْدَهُ مَا أَخْبرَ بِهِ نَبِيُّنَا بِقَولِهِ (وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)، فَأَعْظَمُ عَطَاءَاتِ اللهِ لِلعَبْدِ بَعْدَ إِيمَانِهِ؛ عَطَاءُ الصَّبرِ وَالثَّبَاتِ وَالتَّحَمُّلِ، وَلَنْ يُفْلِحَ عَبْدٌ بِلا صَبْرٍ،
وَتَرْتَفِعُ مَنْزِلَةُ العَبْدِ عَنْدَ اللهِ بِالبَلاءِ يُصِيْبُهُ، فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ، وَيَرْضَى وَيُسَلّمُ، وَيَفُوزُ بِأَرْفَعِ المنَازِلِ؛ بِقُوّةِ إِيمَانِهِ بِرَبِّهِ، وَحُسْنِ تَسْلِيْمِهُ لِقَضَائِهِ، وَصًبْرِهِ عَلَى أَقْدَارِهِ، كَمَا قَالَ (عَجَبًا لأَمْرِ المؤْمِنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلا للمُؤْمنِ؛ إِنْ أَصَابتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ، وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ) رواهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ (إِنَّ الرَّجُلَ لِتَكُونَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ، فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَلا يَزَالُ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا) رَوَاهُ ابنُ حِبّانَ وَصَحّحَهُ الأَلبَانِيُّ.
وَالمؤمِنُ مَأمُورٌ بِالصَّبْرِ وَالتَّحَمُّلِ عَلَى كُلِّ مَا يَلْقَاهُ، وَالثَّبَاتِ عَلَى المبْدَأِ، وَعَدَمِ التَّرَاجُعِ أَو التَّنَازُلِ عَنْ الحَقِّ، لِأَنَّ العَاقِبَةِ لِلمُتَّقِينَ، وَالنَّصْرُ الحَقِيقِيُّ فِي الثَّبَاتِ فِي مَعْركَةِ المبَادِئِ، وَالتضحيةِ في سَبِيلِ ذَلِكَ، وَالصبرِ عَلَى المشَاقِّ.. كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً)، إِنَّهَا قَواعِدُ رَبَّانِيَّةٌ لا تَنْخَرِمٌ، وَسُنَنٌ إِلهِيَّةٌ لا تَتَبَدّلُ؛ النَّصْرُ ثَمَرَةُ الصَّبْرِ، وَالفَرَجُ عَاقِبَةُ الكَرْبِ، وَالعُسْرُ تَابِعٌ لِليُسْرِ، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}، وَلَنْ يَغْلِبَ عَسْرٌ يُسْرَينِ.
وَقَدْ تُبطِئُ ثَمَرَةُ الصَّبْرِ عَلَى المؤمِنِ؛ فَيَعْظُمُ الخَطْبُ، وَيَشْتَدُّ الكَرْبُ، وَيُخَيَّمُ اليَأسُ وَالقُنُوطُ، ثُمَّ يَأتِي نَصْرُ اللهِ وَفَرَجُهُ، قَالَ تَعَالى {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
وَالمؤمِنُ الحَقُّ يَنْظُرُ بِعَينِ التَّفَاؤُلِ وَالإِيجَابيِّةِ لما يُقَدِّرُهُ اللهُ مِنْ البَلاءِ، وَيَثِقُ دَومَاً بِقَضَاءِ اللهِ؛ يُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرِبِّهِ، وَيُصْلحُ عَمَلَهُ، وَيَصْبِرُ وَيَصْدُقُ مَعَ رَبِّهِ، وَيَجْتَهِدُ فِي اجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ، والوِقَايَةِ مِنْ مَسَاخِطِهِ
هذا الخطيب في أشهر جامع بحي الحمدانية بجدة اسمه عمر الأنصاري والده عرف ما شاء الله بابتسامته التي تطبع على وجهه الضاحك لديه ابناء بارك الله فيهم كلهم صالحون في بناء هذا الوطن العظيم السعودية عائلة تبارك الرحمن فيهم لا تشم من بيوتهم سوى أطياب البخور والمسك والعنبر روحا وأخلاقا وبيتا فخرج هذا الخطيب عمر من هذه العائلة الكريمة هنا لابد أن اقترح على معالي وزير الشؤون الإسلامية بالاستفادة من خطب الشيخ عمر الأنصاري وتطبع في كتابة يضم أجمل خطب الشيخ عمر الأنصاري.

