أ.عبدالعزيز منيف بن رازن

١٢:٢٧ ص-١٢ مايو-٢٠٢٣

الكاتب : أ.عبدالعزيز منيف بن رازن
التاريخ: ١٢:٢٧ ص-١٢ مايو-٢٠٢٣       39270

اليمن الجريح 

من خلال متابعتي للبرنامج الذي يقدمه الإعلامي المتميز "محمد العلا"، على منصة "تويتر"، واستضافته أحد الضيوف في اليمن للحديث عن آخر تطورات الحراك السياسي اليمني الجنوبي، استشفيت عدة نقاط هامة من الضروري تسليط الضوء عليها. 

الضيف اليمني كانت له وجهات نظر وأراء سياسية أشبه بالقنابل الموقوتة، فبعدما استرسل في الحديث عن اللقاءات التي يجريها أعضاء الحوار الوطني الجنوبي في الداخل اليمني أو خارجه والذي بلغ 200 لقاء على مدار عامين ونصف، كشف عن أن القوى السياسية للحراك الوطني الجنوبي اتفقت على الميثاق الوطني الجنوبي.
هذا الميثاق يعبر عن الثوابت الوطنية والأفكار التي تعبر عن الحركة، والتي من بين بنودها هو تحقيق الهدف الاستراتيجي من خلال المطالبة بالاعتراف بدولة الجنوب وحدود 1990 ، أي ما قبل إعلان رئيس موحد لليمن وهو على عبد الله صالح ، وهو ما يعد مطالبة واضحة وصريحة للانفصال عن دولة الشمال وتفتيت اليمن. 

وأن الضيف اليمني يعتبر أن الحركة السياسية التي تأسست في العام 1967، أخطأت عندما اختارت أن تكون دولة الجنوب ذات هوية يمنية، ، معتبرا أن الهوية اليمنية تميل إلى الشام أكثر من اليمن ، بل راح لأكثر من ذلك ليؤكد أنه لم يكن هناك دولة في اليمن قبل العام 1990.

وعزى الرجل الانفصال بأن اليمن الجنوبي تمتد مساحته لأكثر من مرتين ونصف عن اليمن الشمالي، زاعما كذلك بأن عدد سكان اليمن الجنوبي 5 ملايين نسمة في حين في الشمال تقدر بـ25 مليون نسمة، ومعظم الثروات والموقع الاستراتيجي مثل ميناء عدن موجود في منطقة الجنوب. 

ومن المزاعم التي ساقها الضيف أن الرئيس السابق على عبد الله صالح ، أبى أن يكون رئيسا للدولة اليمنية الموحدة، معتبرا أن حالة الفوضى الغارق بها اليمن منذ 11 عاما أفضل من عصر الرئيس "صالح" الذي قال إنه فرض الوحدة على الجنوب بقوة السلاح، ودمر جيش الجنوب وعمل على خصخصة المؤسسات الحكومية وبيعها لمستثمرين في صنعاء.

واستخدم الضيف مصطلحات مثل "استعمار الجنوب" بهدف تعزيز فكرة الانفصال عن اليمن، في حين أن المحتل والاستعمار الحقيقي في اليمن هي جماعة الحوثي ومن يدعمها من خلفها بالمال والسلاح والعتاد. 

واعتبر الضيف أن الجيش اليمني الشمالي استغل الأحداث التي وقعت في العام 2015، والدعم العسكري الخارجي من أجل الهجوم على عدن، وليس تحرير صنعاء من قبضة الحوثي. 

ويتطرق في سياق حديثه إلى الجيش اليمني الذي يشهد له مواجهة ميلشيا الحوثي ووقف زحفها، بأنه كان يقوم ببيع السلاح وأنه كان يرغب في مد أمد الحرب من أجل الكسب المالي فقط، مدللا بسقوط محافظة الجوف التي تعد أكبر محافظة في اليمن، مما جعل جماعة الحوثي تستولي على أكبر كمية من السلاح قد تكفيهم لعشرات السنين. 

وقال إنه كان من الأولى أن يقوم الجيش اليمني بنسف معداته العسكرية، والذخيرة والأسلحة التي تركها في الجوف، بدلا من أن تستولى جماعة الحوثي عليها، وتستخدمها ضده. 

وفي الختام وحتى لا أطيل على القارئ الكريم في التفاصيل، فإن اليمن داخليا يعاني من انقسام حاد وكبير بين شطريه الشمالي والجنوبي،ويخشى من تدخل القوى الخارجية باليمن وفرض هيمنتها وسيطرتها عليه من دون رادع. 

وأود الإشارة هنا إلى فضل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، في لملمة أوراق اليمن من جديد سواء على الصعيد العسكري أو السياسي من خلال مجلس القيادة الرئاسي الذي تم تشكيله في أبريل من العام الماضي، من أجل وضع حل سياسي شامل للحرب في اليمن. 

وأمل كقارىء للتاريخ أن يتعلم اليمن من أخطاء الماضي، والسعي وراء توحيده ووحدة أراضيه وانتهاز فرصة وقف  إطلاق النار  وذلك عبر مبادرة مباركة من المملكة لكي يعيد ترتيب أوراقه ويجنح نحو السلم والسلام، ولكن يبقى في الأخير خيار الانفصال أو الوحدة لليمنيين أنفسهم ،فهم الأولى بتقرير مصيرهم عن غيرهم.
العميد الركن م / عبدالعزيز منيف بن رازن 
عضو كرسي الاعلام الجديد بجامعة الملك سعود