

بقلم - د. نافل بن غازي النفيعي*
يبدو أننا لانقرأ كتاباً تاريخياً أو سياسياً، ولانسمع أي عبارةً من شخصية بارزة؛ إلا ويتردد فيها ذكر مقولة شهيرة للصحابي الجليل الداهية: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. خاصةً عبارة"لاتقطع شعرة معاوية"، ولعل من العبارات المشهورة التي كان يرددها ذلك الخليفة اللبيب؛ كُل الناس أُرضيه إلا حاسد نعمة.. لايُرضية إلا زوالها.
كما ورد رضي الله عنه قوله: خير الشرّ ولاخير فيه؛ عدل الحسد؛ يموت الحاسد قبل أن يصل إلى محسودة، حقاً أنه لاراحة لحسود كما ذكرت العرب قديماً في أمثالها.
فالحسد داءً عُضال يُصيب القلوب المريضة والأنفس الوضيعة، ومن يكون أصحابها ساقطيّ الهمة، ومن أراذل القوم، لذا حذرنا نبينا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم منه. وقال عنه: بأنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
فالحاسد ساخطٌ ناقم على النعم التي يمتلكها الأخرين، فهو معترض دوماً على قدر الله تعالى. ولقد وصف أحد حكماء العرب الحاسد بأنه يُصاب: بغمٍ دائم، ونفسٍ مُتتابع؛ وذلك نظراً للنار التي تستعر في جوفه قاتله الله. وقال ايضاً: يكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك. فقبحها الله من صفةٍ ذميمة تجلب لمن يتصف بها الذل والهوان والضّعة.
أن النجاحات الكبيرة، والإنجازات العظيمة المُبهرة التي حققتها المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية والسياسية والعلمية والصحية خاصةً في السنوات الأخيرة؛ أثارت حفيظة البعض من عديمي الهمة والطموح، حتى بدأت افواههم تُظهر مابداخلهم من غلٍ وحسد. فدوماً من لايملك القدرة على مجاراة الآخرين؛ يلجأ إلى البحث عن هفواتهم، وتصيّد زلاتهم البسيطة. وهنا اقول له مقولة الفيلسوف اليوناني العظيم أفلاطون: إذا تُتبعت هفوات أنسان فهو كامل.
يقول الشاعر العربي الكبير المتنبي:
واذا اتتك مذمتي من ناقصٍ .. فهي الشهادة لي بأني كامل.
وبحمد الله أن وفقنا الله إلى قيادةً حكيمة لا تلتفت إلى صغائر الأمور، وتسير بخطى واثقة، وحثيثة نحو تحقيق أهدافها التي رسمتها. فالله سبحانه وتعالى يُحب معالي الأمور، ويكره سفسافها. وتتميز دولتنا الحبيبة بطول بالٍ ، وصبر طويل وتلك سمتان يُنال بها كل مطلب ٍ عالي كما يذكر معاوية بن أبي سفيان. وكم وقفت المملكة العربية السعودية مع دولٍ في محنتها، وبلواها؛ بينما كان البعض من تلك الدول إعلامها لا يفتأ عن مهاجمتها؛ فتلك هي خصال بلادنا رعاها الله؛ وكأنها تمتثل لقول الشاعر العربي:
وإن من خلائق الكرام ... رحمة ذي البلاء والأسقام
وإن من شرائط العلو ... العطف في البؤس على العدوّ
قد قضت العقول أن الشفقة ... على الصديق والعدوّ صدقة
لقد أشادت كثيراً من الدول المتقدمة، والعظمى بالنقلة النوعية والفريدة للسعودية في السنوات القليلة الماضية، كما أشاروا للمنجزات العلمية، وبراءات الاختراع التي حصل عليها مجموعة كبيرة من أبناء وبنات الوطن في شتى المجالات العلمية. والكثير من الدول الكبرى لا تزال منبهرة من النجاح والتميز الكبير والمُذّهل في مجال الصحة خاصةً عند مواجهة جائحة كورونا كوفيد 1 بكل براعة واقتدار.
أمضى يابلادي نحو العُلى والشموخ كعادتك دوماً، ولندع العويل والنحيب لمن لا يكاد أن يراهم الآخرين، ولايُلتفت إليهم.
وصدق الشاعر العربي عندما قال:
وأصعب ما في الأرض حاسداً.. وعيش ذكيٍ بين قومٍ بهائمٌ.
*خبير استراتيجي متخصص في العلاقات الدولية

