

اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
الصراع في فلسطين
تتعدد اسباب الصراعات منذُ خلق الله الأرض ومن عليها ولم تقتصر الفتن والعدوات والصراعات بين جنس واحد من المخلوقات بل انها تعم جميع الأجناس وتمحورت نتائج هذه الصراعات اعتماداً على منطق القوة وليس قوة المنطق والحق والعداله فالقوة الخشنه كما يقال هي سيدة المواقف . وعلى سبيل المثال ولأن الأسود في الغابه هي الأقوى فكانت ملوك الغابه ولها السيطرة والنتائج لصالحا بالقوه … وهذا يسمى قانون الغاب الذي سارت عليه الدول الإستعمارية في الماضي والحاضر .. اما اسباب الصراعات فهي متعدده وقدتكون
. اسباب دينيه . اسباب عرقيه واثنيه . . اسباب تاريخيه .اسباب ديموغرافيه وسياديه .اسباب تعارض المصالح ( مصالح سياسيه ، اقتصاديه ، ثقافيه ، عسكريه ، اجتماعيه .. الخ ) ، وكثير من هذه الأسباب تعتبر معطيات للخطط والأهداف الإستعماريه التي وضعتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانيه وعلى رأسها امريكا وحلفائها للمنطقة العربيه . ومن الجدير ذكره أن الأسباب والعوامل الدينيه كانت وراء اندلاع حروب اسرائيل بمشاركة الدول الغربيه ضد العرب و أهل فلسطين باستخدام منطق القوه وليس منطق الحق والعداله .اقد صنفت تلك الحروب بأنها حروب دينيه تتخذ من التوراة سنداً لها وتعتمد على ماورد في اسفارها التلموديه من ادعاء بأن اليهود هم شعب الله المختار وأن الله خلق بقية العالم ليكونوا خدماً وعبيداً لهم وأن ارض فلسطين هي ارض الميعاد التي وعدهم الله بها ، ولهذا فإن أهداف هذه الحروب الإسرائيليه تنفيذ ما ورد في التوراه من حتمية ابادة "العماليق" وهم سكان فلسطين الأصليين أي ذريتهم من الفلسطينيين الحاليين والزامية القضاء على حرثهم ونسلهم اطفالاً ونساءً ورجالاً وهذا ما تطبقه اسرائيل في حرب الإباده على غزه حالياً وكما يتردد هذه الأيام ودون خجل على الْسِنَة حاخامات اليهود وسياسيي اسرائيل الصهاينه وعلى راسهم " بنيامين نتنياهو " رئيس وزراء اسرائيل ووزراءه ، والذين تبرأ مما يقومون به في غزه كثير من اليهود واحبارهم الذين شاركوا في مظاهرات الشعوب الغربيه ضد ما يجري في غزه تحت شعار ( ليس بإسمنا )، ومن هنا يفهم المحللون لماذا تشن اسرائيل حرب الإباده في غزه بمشاركة الدول الغربيه وخاصة امريكا وقادتها من اليهود الصهاينةِ و المسيحيين المتصهينين الجدد المسيطرين على مقاليد الأمور في امريكا . إنهم يدَّعون بأن المسيح المخلص سيخرج في ارض فلسطين التي يسمونها ارض الميعاد ويحقق لهم أهدافهم التوراتيه . لقد لا حظ المراقبون بأنه بالقدر الذي يصطف صهاينة اليهود والنصارى لتحقيق ما يدعون بأنها نبوءآت توراتيه ويسعون لإقامة هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد الأقصى وتحقيق حلم اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات ، إلا أن الملاحظ في نفس الوقت أن أغلب العرب و المسلمين الذين وصفهم النبي الرسول محمد عليه افضل الصلاة وأجل التسليم بأنهم " غثاءً كغثاء السيل " يبتعدون عن حضارة دينهم ومبادئهم وقيمهم ويركضون وراء مساوئ حضارة الغرب التي سادها الإنحطاط الأخلاقي في القيم والمبادئ . ولن يكون هناك خلاف لو أن العرب حافظوا على حضارتهم وأخذوا ما هو مفيد من الحضارة الغربيه ومن الحضارات الأخرى ، بل إن من المؤسف أن بعض ساسة ومثقفي العرب والمسلمين قبلوا أن يكونوا دعاة ووكلاء بل وعملاء للغرب بعلمهم او بدون علمهم وبسبب جهلهم بخفايا الأمور وما يراد تنفيذه لبلدانهم تحت مسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي حاربته القيادة السعوديه منذُ عهد الملوك فيصل وخالد وفهد وعبد الله رحمهم الله ويحاربه الملك سلمان وسمو ولي عهده اطال الله في اعمارهما …. الى يومنا هذا ...
… إن ما يحدث اليوم من حروب في فلسطين وفي اقليم الشرق الأوسط سببه أمريكا التي وقفت حجر عثرة ضد تنفيذ كل قرارات عصبة الأمم وقرارات الأمم المتحده و مجلس الأمن الدولي والهيئآت والمحاكم والمنظمات الدوليه التي صدرت لصالح القضية الفلسطينيه منذُ القرن الماضي ، والعالم شاهد على ذلك ، وسجل التاريخ والمحللون و المتابعون كيف أن امريكا تريد زعزعة الإستقرار في البلاد العربيه عندما قامت بتفعيل الفوضى الخلاقه والربيع العربي وسمحت للتوسع الإيراني في شرق البلاد العربيه بالعبث في امن واستقرار المنطقه بل انها وكانت وما زالت حامية لعبث ميليشيات فيلق القدس الإيراني وفروعه وميليشياته في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها , ويرى العالم اليوم أن امريكا تجني ثمار سياساتها القذره فهي تشن ضربات على مواقع من زرعتهم في سوريا و العراق و اليمن من الميليشيات الايرانيه لتجني ما زرعته يداها فهي التي زرعتها جميعاً وغضت الطرف عن افعالها بتماديها وتماشيها وتماهيها مع سياسة تصدير الثورة الإيرانيه بل وتحالفها السري مع ايران كما قال الرئيس الأمريكي السابق "باراك اوباما " " لقد تحالفنا مع ايران لأننا اكتشفنا بأنها دولة غير اسلاميه " . وكان ذلك التحالف ضد مصالح حلفاء امريكا الصادقين من الدول العربية السنيه والسبب لأن امريكا تعلم بأن شعوب هذه الدول هي من يمثل الإسلام الحقيقي الذي وضعه الغرب في مقام العدو الأول بعد سقوط دولة الإتحاد السوفيتي لأنه الاسلام يرفض الاستعمار والتبعية لغير الله . لقد كان بوسع امريكا أن تساند قرارات مجلس الأمن الدولي التي دعت الى إيقاف اطلاق النار في غزه وكان بإمكانها فرض الإعتراف بالدولة الفلسطينيه على حدود "١٩٦٧ م " كما جاء في المبادرة السعوديه التي تبنتها الجامعة العربيه في مؤتمر القمه الذي انعقد في بيروت عام (٢٠٠٢م ) ، وكان بإمكان امريكا أن تلجم ايران واسرائيل عن العبث بأمن واستقرار المنطقه بدلا من التغاضي عن خططهما الإبادية والتوسعيه وعندها سيعم السلام اقليم الشرق الأوسط وستتوقف كل هذه الحروب والنزاعات في المنطقة ، ولكن امريكا لم تستمع الى نصائح من تعتبرهم حلفائها من العرب وعلى راسهم السعوديه التي نصحت ثم حذرت امريكا من نتائج سياساتها في الشرق الأوسط . في نفس الوقت فإن المحللين والمراقبين يحملون القاده والساسة الفلسطينيين المسئولية الكبرى لضياع بلادهم فلسطين لأن غير الشرفاء منهم عرضوا وما زالوا يعرضون بيع خدماتهم و أراضيهم لليهود منذُ البدايه في القرن الماضي ، ثم بسبب تفرقهم وتناحرهم وتآمرهم على بعضهم واستمرارهم حتى اليوم واختلاف استراتيجياتهم وعقائدهم السياسية لتحرير فلسطين بل إن بعضهم سلكوا طريق العمالة لإسرائيل وغيرها للحصول على مكاسب شخصيه ادت الى ضياع ارضهم وشعبهم ، والغريب أن حرب الإباده التي تحدث في هذا الزمن في غزه لم توحد نخبهم السياسيه كما توَحَّدت كل النخب السياسية والاطياف الإسرائيليه!! ، ولا بد من الإشارة هنا الى أن قيام بعض القاده العرب بتوقيع اتفاقيات صلح مع اسرائيل ، وقيام الفلسطينيين بعقد "اتفاقيات أوسلو " وما تلاها قد أدَّى الى اسقاط لاآت الخرطوم الثلاثه وشق الإجماع والصف العربي حول قضية فلسطين ، ولهذا السبب ابتعد العرب عن الفلسطينيين وتركوهم يحلون قضيتهم وفقاً لما يرون ويرغبون . اما وعود بايدن بتحقيق مبدأ حل الدولتين فإن ذلك من باب ذر الرماد في العيون لأن اسرائيل بمساعدة امريكا عبر العقود قد قضت عملياً بعلم الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي على حل الدولتين واستوطنت كل ارض فلسطين وبالكامل ولم يعد هناك مكاناً لحل الدولتين !!.
وما نراه في تحركات وزير خارجية امريكا " بلينكن " انه يركز فقط على اطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والدفع بتطبيع الدول العربيه لعلاقاتها مع اسرائيل الى الأمام وكأن جرائم الإباده والحصر في غزه والمعتقلين الفلسطينيين لا تعنيه !!!.
اللواء الركن متقاعد
حسين محمد معلوي

