اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
إبادة غزه
تفاجأ العالم بانفجار الأوضاع في غزه يوم ( ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ م ) بسبب تعنت اسرائيل ورفضها حل القضية الفلسطينيه ، بينما اصيبت اسرائيل وداعميها بصدمة كبرى افقدتهم التوازن ، أما العالم العربي فقد ذهل مما حدث لأنه حطم هيبة ومقولة جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر وكسر الكبرياء والعجرفة الإسرائيليه .
تسارعت أمريكا وأوروبا لاتخاذ المواقف الداعمة والمؤيدة لاسرائيل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلاميا وقام رؤساء الدول الغربية بزيارات مكوكيه إلى اسرائيل على عجل ليسجلوا صفحة تاريخية مليئة بالتأييد والخضوع للصهيونية العالميه والحقد على كل من ينتمي لأمة العرب والمسلمين ، ولا غرابة في ذلك لأنهم صنفوا الاسلام الصحيح واتباعه عدوهم الأول قديماً وحديثاً واكدوا على ذلك منذُ سقوط الاتحاد السوفيتي ، وعندما هاجم من صنعهم الغرب وهم المتطرفين من جماعة بن لادن ومتطرفي داعش والقاعده المصالح الغربيه قامت امريكا وحلفائها بإزالة دول من الوجود ونظمت ما يسمى بمخطط الشرق الأوسط الجديد وما نتج عنه مما سمي " بالربيع العربي" .. الذي بدأ تنفيذه ليس بسبب ذكاء الغرب واسرائيل وإيران ولكن بسبب بعض العرب انفسهم كما قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق " هنري كيسنجر " وخاصة بعض الزعماء العرب مثل صدام حسين والقذافي وعلي صالح يضاف لهم زعماء المكونات السياسيه الفلسطينيه الذين تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى والذين صاروا بالفعل يتاجرون بالقضية الفلسطينيه ويخدمون التيارات العربيه ذات الشعارات الزائفه المفلسه أًو يخدمون ايران الفارسيه أو اسرائيل الصهيونيه وبكل أسف رأينا من القيادات الفلسطينيه من ذرف الدموع عندما حضر جنازة اسحاق رابين وشمعون بيريز ومنهم من اهتز حزناً وألما عندما توفي الهالك قاسم سليماني ووصفه بشهيد القدس وهو الذي قاد التوسع الفارسي في شرق الوطن العربي ونحر وهجر وأباد الملايين من الشعوب العراقية والسورية واليمنية واللبنانية بواسطة اذرع ايران وعملائها التي انشأها الحرس الثوري في بلدان تلك الشعوب وعلى رأسها جماعة الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وأحزاب الحشد الشعبي العراقي واكثر من (٤٥) منظمة وحزب في سوريا خاضعة لإيران التي اعلن حرسها الثوري بأن لديه في البلاد العربيه ما يزيد عن ( ٢٠٠ ) الف مقاتل تحت السلاح .. اضافة الى جماعة الاخوان المسلمين الذين تحالفوا مع الغرب ومع الفرس وتماهوا بل وتحالفوا مع من يسب ويلعن الصحابة ويطعن في عرض رسول الله .
نعود الى ما حدث في يوم السبت السابع من اكتوبر ٢٠٢٣م ، كان هجوما انطلق من غزه باتجاه ما يسمى غلاف غزه المكون من عدد من المستوطنات الإسرائيليه التي يسكنها مستوطنون مسلحون ويحميهم الجيش الاسرائيلي وقد نجح المهاجمون في عبور الحائط القوي والمسمى بالذكي بين غزة واسرائيل رغم تجهيزه بكل الوسائل التكنولوجية والحراسات العسكرية والأمنية ومع ذلك اجتازه المهاجمون الفلسطينيون بسهوله مما يدعوا الى الاستغراب ويثير الشكوك (؟) وهذا اصاب اسرائيل شعباً وجيشاً وحكومة بصدمة كبرى وذكّرهم بعبور الجيش المصري لخط بارليف على الضفة الشرقيه لقناة السويس في السادس من اكتوبر عام ١٩٧٣ م . وهنا يتساءل المحللون وهم يدركون ان دهاليز السياسة القذره قد تضحي بشيئ"ما "من اجل تحقيق هدف اكبر بضربة قاضيه !؟.. ويقولون هل عبور المقاومه للجدار العنصري الفاصل طبيعي ام ان هناك تسهيلات امريكية واسرائيلية لجرها الى فخ محكم بعلمها او بدون علمها وتمكينها من أسر جنود ورهائن لتحقيق الهدف الكبير بالضربة القاضيه وهو تصفية القضية الفلسطينيه وتهجير ماتبقى من الشعب الفلسطيني الى الشتات !!؟. يبدو أن الأمر كذلك خاصة وان التاريخ قد امتلأت صفحاته بصفة الغباء السياسي لكل التيارات الإسلامية والقوميه دون استثناء . ولولا ذلك الغباء لما وجدت اسرائيل اي ذريعة لتدمير وابادة غزه ارضاً وشعباً . وكان بإمكان ما سمي بالمقاومة الاستمرار في بناء قدراتها العسكرية والاقتصاديه وتأمين اسلحة ضد الطيران والاستمرار في مشاغلة اسرائيل بحروب العصابات والذئآب المنفرده دون الدخول في حرب مواجهة كبيره وشامله ضد تحالف اسرائيل واوروبا وامريكا وايران كما هو حاصل اليوم .
لاشك أن حرب غزه قد اعادة بعث القضية الفلسطينيه ولفتت نظر المجتمع الدولي الى ضرورة حل قضية فلسطين على مبدأ حل الدولتين وهو المبدأ الذي جاءت به مبادرة الملك الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان ولياً للعهد واعتمدها القاده العرب في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ م ( حل الدولتين والأرض مقابل السلام ) وما زال سمو ولي العهد السعودي ينادي بها .. لقد فشل الفلسطينيون عند اندلاع هذه الحرب في نبذ خلافاتهم واعلان اتحادهم كنتيجة حتميه من نتائج هذه الحرب ( تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ) ، وكذلك الدول العربيه والاسلاميه التي ظهرت بمواقف رسمية قويه ورافضة لإبادة سكان غزه وتهجيرهم ولكن لم تستطيع هذه الدول ترجمة تلك المواقف الى الضغط على امريكا وأوروبا واسرائيل لايقاف اطلاق النار وفتح معبر رفح وخاصة مصر لأنقاذ سكان غزه من الاباده والحصار ، وفي الجانب الاسرائيلي فقد وحدت هذه الحرب الشعب والمجتمع السياسي الإسرائيلي وشُكِّلت بسببها حكومة طوارئ ووحدت موقف امريكا واوروبا واسرائيل المساند بقوة . في حين اظهرت هذه الحرب عدم اكتراث الغرب بالقوانين الدوليه وأولها القانون الإنساني في الحروب والكيل بمكيالين دون خجل أو حياء أو خوف على المصالح .
إن المناظر الحيه للشهداء والمصابين من المدنيين نساء واطفالاً وشباباً وكبار سن في غزه والذين يزيد عددهم عن (٣٠) الف شهيد ومصاب يدمي القلوب الحيه ، ويزرع الخوف والخنوع في وجه كل من يقاوم مد الصادات الثلاثه وهذا ما يسعى الى تجذيره اعداء العرب والمسلمين لتحقيق مخططاتهم بسهولة وبدون مقاومة رسمية او شعبيه من الغالبيه. خاصة وانهم في الماضي قد انجزوا ابعاد الأمه عن دينها ومبادئها التي شوهها المتطرفون الإسلاميون . إن من الوحشيه أن ترفض امريكا وأوروبا وقف اطلاق النار بحجة أن المنظمه التي يحاربونها ستستفيد من وقف اطلاق النار كما قال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن والذي قال لرئيس وزراء اسرائيل " انا جئت اليكم ليس بصفتي وزير خارجية امريكا بل بصفتي يهودي " مما يدل على أن الحرب دينية وليست سياسيه .. لقد انكشف للفلسطينيين والعرب والعالم كذب وجبن ما يسمى بمحور المقاومه الذي يدعي وحدة الساحات وحماية الفلسطينيين والقدس
بينما يتفرج المرشد خامنئي وحسن نصر الله على ما يحدث في غزه والضفة الغربيه وحرسهم الثوري وميليشياتهم على الحدود في الجولان ولبنان ولا يحركون ساكناً لأن الضحايا عرباً فلسطينيين من السنه ولأنهم لا يعترفون بالمسجد الأقصى وانه مسرى الرسول محمد عليه افضل الصلاة والسلام ولأنهم احد الصادات الثلاثه المتحالفه ضد العرب .
لقد صدق الشاعر المتنبي الذي قال في زمانه ( يا امة ضحكت من جهلها الأمم ) ، ولوكان عائشاً في زماننا هذا لقال ( يا امة حزنت من ضعفها الأمم ) .
اللواء الركن / م
حسين محمد معلوي