الكاتب : اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
التاريخ: ٠٤ سبتمبر-٢٠٢٣       30965

تشرشل ومقولته الشهيره  

بثت مذيعة إحدى القنوات الفضائيه العربية على برنامجها قائلة أن " تشرشل اشهر رئيس وزراء خلال الحرب العالمية الثانيه سألوه مره عن تقييمه للشعوب فقال " اذا مات الإنجليز ماتت السياسه وإذا مات الروس يموت السلام وإذا مات الأمريكان يموت ألغِنَى وإذا مات الإيطاليون يموت الإيمان وإذا مات الفرنسيون يموت الذوق ، وإذا مات الألمان تموت القوه ، وإذا مات العرب تموت الخيانه " . ( يالها من صدمه !!) . عندما أرسلت ما قالته المذيعه في لقطه مصوره احتفظ بها ومتداوله في وسائل التواصل إلى بعض المحللين والمؤرخين المرموقين قيل لي بأسف ( انه كلام مؤلم وصحيح وما زال الوضع العربي مع الاسف يساير ذلك الوصف ) .
وهنا سأنطلق في هذا المقال إلى التحليل التاريخي والواقع الحالي فأقول بأنني لا استطيع أن اعمم ذلك على كل من هو عربي ومسلم مؤمن بالله وبتعاليم القرآن وسنة النبي محمد عليه أفضل الصلاة واجل التسليم وقد قال الله في أمة العرب والإسلام ﴿ كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ﴾ ، إلا انني أُفَرِّق بين الأمة في صدر الإسلام وبين الأمة في زمن مقولة تشرشل وفي زماننا الحاضر .. فأقول بأن مسلمي وعرب هذا الزمان ابتعدوا كثيراً عن عقيدة دينهم ومبادئهم ففقدوا وصفهم القرآني ودخلوا في زمن التيه والضياع ، وصارت الخيانة صفة من الصفات  ولكنها ليست في الشعوب ما عدا بعض الأفراد الضالين والجماعات والشرائح وبعض الزعماء الذين كانوا مناسبين لأن يكونون زعران وأباضايات حارات وليسوا قادة دول وشعوب . لقد تميزوا كما يقال في المصطلحات البلديه العربيه بالعنطزة والفنطزة وتعظيم الذات والكبرياء والتهديدات الجوفاء لأعدائهم ( وكلها على فشوش ) ، وقد إستثنى التاريخ حكام الممالك العربية وعلى راسها السعوديه لأنهم تميزوا بالحكمة التي هي ضالة المؤمن ولا يعرفون الغطرسة ولا تأليه الذات ولا جنون العظمه ولايهددون احداً ولا يسمحون لأحد بتهديدهم ويعظمون الله ، وحققوا نهضة لشعوبهم وجاؤا للسلطه عن طريق البيعه من شعوبهم وليس عن طريق الإنقلابات والانتخابات المزوره ( ٩٩.٩ ٪ ؜) ، وفي النهاية كانت نتائج أعمال زعماء  الإنقلابات التقاتل بينهم وخيانات كبرى دمرت شعوبهم وأمتهم العربية والإسلامية بل وخانوا المبادئ والشعارات التي كانوا يدَّعونها ويطنطنون برفعها في وسائلهم الإعلاميه طوال عقود لأنهم آثروا مصالحهم الشخصية وغرورهم على مصالح شعوبهم ونسفوا ما تمكنت شعوبهم من تحقيقه من منجزات لأنهم جاءوا على ظهور الدبابات وجلبوا معهم الكوارث والنكبات على تلك الشعوب وعلى الأمة العربيه كلها .. وحتى نثبت ذلك بالأدلة القاطعه التي سجلها التاريخ نبدأ بقضية فلسطين ونتسائل ألم يكن هناك من الفلسطينيين وجيرانهم (!!) قيادات ومنظمات منذُ ما قبل زمن النكبه وإلى يومنا هذا من قام ببيع اراضي فلسطين بل سمسر و دلل وتعاون مع اليهود لشراء اراضي فلسطين !؟. الم يُوَقَّعْ الزعماء الفلسطينيون الاتفاقيات مع اسرائيل ويعترفون بها ؟. اليس الفلسطينيون من يبنون بيوت ومنشئآت المستوطنات الاسرائليه ؟. أليس بعض العرب يعملون جنودا في الجيش الإسرائيلي ؟. أليس هناك منظمات فلسطينيه عميلة لأي من الصادات الثلاثه ؟ . اليس حكام السلطه من عقدوا الاتفاقيات الأمنية الواسعه مع اسرائيل لحمايتها ؟ .. أليس الفلسطينيون من شقوا صف التضامن العربي مع القضية الفلسطينيه بتوقيعهم منفردين لاتفاقيات اوسلوا وكامب ديفيد ؟. الم ينشئ الزعماء الفلسطنيون دويلات لهم في لبنان والأردن منقلبين على دولة الأردن ودولة لبنان اللتان ساندتهما ونسوا الكضيه ؟ . أليسو من افتى بكفر من يلعن اليهود ويسبهم ويبكي على وفاة اسحاق رابين ويحضر عزاءه ؟  في حين ان بعضهم يسبون ويلعنون العرب والدول التي ترضعهم وما زالت خاصة السعوديه ودول الخليج ويتهمونهم زورا وبهتاناً بالتخلي عن الكضيه وهم من اضاعها وانشغلوا بالإقتتال بينهم على سلطة وهميه صنعتها لهم امريكا واسرائيل !! ؟. (اليست هذه خيانات متعدده لشعبهم وللكضيه !! ) .  وفي مصر سلم الملك فاروق مصر لمحمد نجيب وعبدالناصر ومسماه الرسمي " ملك مصر والسودان " فضاعت بعد أن كانت دولة واحده وصار يبحث عن الوحدة مع سوريا وليبيا وغيرها وصار يهاجم ويهدد بالزوال ما سماها الأنظمة الرجعية العربيه بدلاً من محاربة اسرائيل !! ، ثم ادعى انه سيرمي اسرائيل في البحر فرمته في الصحاري ولم يجد عوناً ومسانده ومشاركة إلا من الأنظمة التي سماها بالرجعيه ويحاربها ليلاً ونهاراً في إذاعة صوت العرب ( مذيعها أحمد سعيد ومقالات بصراحه ل محمد حسنين هيكل ) . لقد ضلل عبدالناصر بشعاره " لا صوت يعلوا فوق صوت المعركه " شعبه والعرب جميعاً وأدى تضليله وقيادته إلى هزيمة حرب (يونيه حزيران أو حرب الأيام السته عام ١٩٦٧ م ) رغم انه كان أقوى عسكرياً من اسرائيل !!! ، ( أليست هذه خيانه ؟ ) . أما العراق فالخيانات فيه متتاليه ومتوارثه منذُ عهد عبدالكريم قاسم الذي اباد الأسرة الملكية بشيوخها ونسائها واطفالها ورجالها في قصر الرحاب ببغداد وهو لم يكن مضطراً الى ذلك ( أليست هذه خيانه !! ؟ ) . وبالرغم أنه يحسب لصدام وقوفه ضد التوسع والهيمنة الفارسيه وعملاؤها المعممون بدعم دول الخليج العربي له ، إلا انه بنكرانه بكبريائه وأوهامه و بصلفه وظلمه وطاووسيته وغطرسته لم يستمع لنصائح ولم يتجاوب مع جهود الزعماء العرب ( الملك فهد والرئيس حسني مبارك والملك حسين والشيخ زايد وغيرهم رحمهم الله جميعاً ) لأن أحلامه المريضة وغروره بنفسه دفعته لاحتلال الكويت ضارباً بعرض الحائط حقوق الجار والقريب ومبادئ الدين والعروبه وكل المعاهدات والقوانين الدوليه ، وصَدَّقَ بغباءه وغطرسته الاشارة الخضراء من سفيرة امريكا في بغداد "ابريل كاثرين غلاسبي" بأنه مسموح له احتلال الكويت وعندما وقع في الفخ وتورط وتغطرس ورفض الإنسحاب دمر جيشه وهزم ، واحتلت امريكا وحلفائها ( الصادات الثلاثه ) بلاده وارسلته الى حبل المشنقه ، ثم سلمت امريكا العراق على طبق من ذهب لإيران كما قال الأمير سعود الفيصل رحمه الله .. لقد قاد صدام بلاده  إلى الهلاك والدمار ( أليست تلك خيانات لشعبه وأمته  ) . وفي ليبيا ظهر " معمر القذافي" كأكبر طاووس بين الزعماء العرب وهو الذي تجبر وتكبر وأصيب بداء العظمه التي جعلته يسمي نفسه "ملك ملوك افريقيا" ويبدد ثراوات الشعب الليبي بمعارك وتصرفات صبيانيه في اوروبا وأمريكا والعالم العربي وافريقيا وآسيا ويخاطب شعبه استهتارا بهم بقوله ( من انتم ؟ ) . انه من دعا الى تحرير امريكا من سكانها البيض وتسليمها للهنود الحمر وساند الجيش الجمهوري لتحرير شمال ايرلندا ووقف مع ايران ضد العراق وتآمر على كثير من الدول العربيه وأرسل الإرهابيين والطائرة المحملة بالسلاح إلى مكة ، وغير بدايات بعض سور القرآن ووضع كتابه الأخضر دستور قرآني للشعب الليبي ..الخ . لقد خان شعبه وأمته فقتل شر قتله ( أليس ما قام به خيانات كبرى لشعبه وأمته !!؟ )  . أما في سوريا فعندما استلم "حافظ الأسد" البعثي الحكم سرح جميع ضباط الجيش السوري الوطنيين المدربين واحل محلهم مدنيين بعثيين غير مدربين ومنحهم رتباً عسكرية ونياشين وفي حرب ( ١٩٦٧ م ) ولوا الأدبار من الجولان وصدرت الأوامر لمن بقي منهم بالإنسحاب قبل ان يصل اليهم الإسرائليون ، ولو انهم دفعوا مجرد صخور على جسر بنات يعقوب لأوقفوا الصعود الإسرائيلي الى الجولان ( كما قال المحللون والمؤرخون وبعض القاده الإسرائيليون ) ، ناهيك عن استخدام الأسلحه !! . ( اليست هذه خيانه ؟.. ) ، ثم عندما طالب الشعب السوري بتعديل الماده الثامنه في الدستور السوري وليس الغاء النظام تعرض للسحق  والإبادة والتشريد بعد ان دمرت طائرات البراميل المتفجره وسوخوي الروسيه المستجلبه مدن السوريين وقراهم فوق رؤوسهم  وأُدخل .. لاحتلال سوريا كل من الروس والإيرانيين والاتراك والأمريكان والأوروبيين وحزب الله و (٤٥) منظمة شيعيه وداعش والقاعده ( الصادات الثلاثه وعملاؤهم مرة اخرى ) ، ولم يستمع "بشار "لنصائح الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله والزعماء العرب … وفي زمن حُكْم الأب والإبن وضعا تحرير الجولان على الرف واليوم سوريا تعيش في اسوأ مراحل تاريخها .. ( اليست هذه خيانات !! ؟ ) . أما في اليمن فقد خان الرئيس السابق "علي عبدالله صالح " رفيق دربه في صنع الوحدة اليمنيه "علي سالم البيض ".. ثم سلم  بلاده لإيران بفتحه المجال لذراع ايران الحوثيين وهو يعلم بأنهم امتداد لحكم الأئمه الجزارين وانهم خمينيون لا يؤمنون بالديمقراطيه ولا بتبادل السلطه ومع ذلك سلمهم  السلطة وفتح لهم الباب للإستيلاء على اسلحة الجيش اليمني وعتاده ومستقبل شعبه كل ذلك انتقاماً من الشعب الذي قال له يكفيك ( ٣٣ ) عاماً من السلطه والفساد في الحكم !! .. واليوم يعيش اليمن في اسوأ الظروف تحت حكم حوثي كهنوتي واليمن مهدد بالتقسيم ( اليست هذه خيانه كبرى !! ؟) . وفي السودان أشعل الفريق الصائل " عبدالفتاح البرهان "و الفريق الصائل  "محمد حمدان دقلو" الحرب الأهلية في بلادهم من اجل الصراع على السلطه فدمروا السودان وشردوا شعبه واستباحوا الدماء وفتحوا المجال لتقسيم السودان الى دويلات !! ، وقد وصف الناطق باسم الخارجية الأمريكيه وفقا لما نشرته صحيفة الشرق الأوسط في عددها رقم (١٦٣٤٧ ) الصادر بتاريخ ( ٣١ اغسطس ٢٠٢٣ م )، وصف العنف الذي ارتكبه الجنرالين الصائلين بأنه " خيانه لمطالب الشعب السوداني " . ( أليست هذه خيانه ؟. ) . وهنا نكتفي بما ورد من خيانات العرب لأنفسهم ولمن يساندهم ، لأن من بينهم من يفضل أن يكون عميلاً خائناً وناكراً للمعروف على أن يكون وطنياً ينتمي الى الأمه التي قال الله عنها ( كنتم خير امة اخرجت للناس ) .

   أذن نعود الى ما قاله رئيس الوزراء البريطاني السابق تشرشل عندما قال (  إذا مات العرب تموت الخيانه !! ) .. ليصل أي مؤرخ أو أي باحث إلى أن ما قاله تشرشل حقيقة سجلها التاريخ ولكنها صفة لبعض الزعماء العرب المتغطرسين المقبورين أصحاب الشعارات القومجية الجوفاء المعروفين عند شعوبهم وليس الشعوب .. إن آمال الأمة أن يبدل الله الحال وأن تعدل الشعوب التي وقعت ضحايا هؤلاء القاده الفاشلين المسارات الى الطريق الصحيح .
    ◦               اللواء الركن متقاعد
    ◦             حسين محمد معلوي
    ◦                        بريطانيا