الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣ نوفمبر-٢٠٢٥       3905

بقلم- ساره حسن شديد الثقفي

وإنّي لأظن بالله خيرًا، ظن يملأ قلبي طمأنينة ويمنح روحي سكينة لا تزول.
تعلمت أن الإيمان ليس في الأيام السهلة، بل في الثبات حين تمتحننا الحياة، وفي اليقين بأن تدابير الله أعظم من كل أمانينا وأفكارنا المحدودة.

لم تكن حياتي مليئة بالتجارب الكثيرة، لكن رحيل أبي كان أعظم ما أثر فيني وغير نظرتي لكل شيء.
الفقد لم يكن ضعفًا، بل درسًا علّمني أن الصبر ليس صمتًا، بل وعيًا عميقًا بأن ما عند الله خير دائم، وأن من غاب عنّا في الدنيا لم يغب عن رحمته لحظة، وأن الأثر الحقيقي للحياة لا يُقاس بالوجود المادي، بل بالحب، والذكرى، والدعاء الذي يبقى خالدًا.

منذ ذلك اليوم، أيقنت أن الله حين يأخذ، هو يهذّب أرواحنا ويقوّي قلوبنا، ويزرع فينا حكمة لا تُكتسب إلا بالتجربة والألم.
أدركت أن الثقة بالله لا تحتاج ضجيجًا، بل قلبًا راضيًا يُسلّم أمره ويمضي بثبات ووقار، وروحًا تعلم أن الرحلة ليست خالية من التحديات، لكنها مملوءة بالفرص والرحمة والإرشاد الإلهي في كل خطوة.

رحيل أبي لم يُضعفني، بل زادني صبرًا وثباتًا، وأعلمني أن الحب لا ينتهي بالموت، وأن ذكرى من نحبهم تبقى معنا في صمت الدعاء، وفي كل عمل صالح، وفي كل لحظة نتأمل فيها قدرة الله.
أمضي وأنا أعلم أن دعائي يصل إليه، وأن الله وعد عباده الصابرين بما تعجز الكلمات عن وصفه، وأن من سلّم أمره لله لم يخسر يومًا، بل ربح السكينة والطمأنينة التي لا يمتلكها إلا من وثق بالله حق الثقة.

تعلمت منه الصبر والهدوء، وعمق الإيمان، وأيقنت أن كل ما تركه لنا من حب وأثر هو جزءٌ من قوتنا في مواجهة الحياة.

أسأل الله أن يجعل مقامه في أعلى الجنان، ويثبت قلبي دومًا بحبلٍ من سكينةٍ ورضا، ويملأ حياتي بالنور والهداية، ويعلمني كيف أعيش ذكراه بالحب والعمل الصالح، وكيف أتمسك بالإيمان والصبر مهما تأخرت الأقدار أو اشتدت التجارب.

ما خاب من وثق بالله، ولا ضاع من سلّم أمره إليه، فهو وحده الحافظ، والوكيل، واللطيف، وبه أستعين، وبه أطمئن، وبه أستمر.

وفي النهاية، أعيش كل يوم بيقينٍ أن ما أستودعه عند الله محفوظ، وأن كل رحيل في الحياة يعلمنا معنى أعمق للحب والصبر والإيمان، وأن نوره لا ينطفئ في قلوبنا مهما تغيرت الأيام أو ضاقت بنا الظروف، وأن الإيمان بالله هو الملاذ الذي لا يخيب أبدًا، وذكراه هي القوة التي تظل تدعمني في رحلتي مهما كانت الحياة مليئة بالتحديات.