الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٩:٣٧ م-٢٠ سبتمبر-٢٠٢٥       3080

بقلم: عبير آل سحيم

نشرت المجلة الأمريكية للطب النفسي مؤخرًا دراسة تشير إلى أن الوراثة قد تلعب دورًا في زيادة احتمالية  الطلاق  لدى الأبناء إذا كان والداهما قد مرا بتجربة  الطلاق  من قبل. 
ورغم أن هذا الطرح قد يبدو مخيفًا، إلا أن إسقاطه على واقعنا العربي والإسلامي لا يمكن أن يكون على إطلاقه، فهناك اعتبارات جوهرية تجعل النسب أقل بكثير، منها ما يتعلق بالدين الذي يرسخ قيم الزواج والأسرة، والعرف الاجتماعي الذي يربط بين الأسر ويقوي أواصرها، إلى جانب طبيعة الترابط العائلي الذي اعتدنا عليه حتى في أحلك الظروف.
ولا شك أن البيت غير المستقر والنشأة غير السوية قد ينعكسان سلبًا على الأبناء، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الشاب والفتاة عند الإقدام على الزواج. فالحياة الزوجية ليست شهر عسل طويلًا ولا مجرد رفاهية خالية من القيود، وإنما هي لبنة جديدة في بناء المجتمع، وبذرة تحتاج إلى رعاية وصبر وتضحية لتثمر أجيالًا صالحة ومجتمعًا متماسكًا بتوفيق الله.
وهنا تبرز الحاجة الماسة لتكثيف الوعي ونشر ثقافة بناء الأسر. 
ولا بد أن يكون المرجع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بدءًا من دور الأهل في التوجيه، مرورًا بالمساجد والمدارس، وصولًا إلى الإعلام الذي يعد شريكًا محوريًا في تعزيز الرسالة المجتمعية. 
والإعلام مطالب اليوم بمسؤولية كبرى، إذ لا يكفي تسليط الضوء على السلبيات، بل الأهم نشر الوعي والتثقيف، وتبني سياسة البناء بدلاً من سياسة التباكي على اللبن المسكوب.
فالأسرة هي الدرع الأول لحماية المجتمع. وإذا ما انهارت الأسر، فإنها تفتح الباب لموجات ضياع تشبه “تسونامي” لا يبقي ولا يذر. وقد رأينا في كثير من المجتمعات الأخرى كيف أدت هشاشة الأسرة إلى ارتفاع معدلات الجريمة والتفكك، فصار البقاء فيها للأقوى، والقوة ليست إلا وحشًا ينهش الضعفاء، لأنهم بلا سند ولا حماية.
إن مسؤوليتنا جميعًا – مجتمعًا ومؤسسات – أن نصون الأسرة، ونبني وعي الشباب والفتيات قبل وبعد الزواج، لنضمن لمجتمعنا أمنه واستقراره ودوام تماسكه.