

بقلم : اللواء الركن. حسين محمد معلوي
في خضم الأحداث التي يشهدها الشرق الأوسط، وبخاصة المنطقة العربية، يستعيد المؤرخون حقيقة أن الأمة العربية والإسلامية كانت – منذ القدم – عرضة للمؤامرات والدسائس الداخلية والخارجية. ويعود ذلك إلى جملة أسباب، أبرزها الأطماع الاستعمارية في السيطرة على المنطقة لما تملكه من موقع استراتيجي وثروات طبيعية، إضافة إلى السعي لتعطيل أي مشروع تنموي يحقق للعرب التقدم والنهضة.
وقد كشفت الوقائع التاريخية أن القوى الاستعمارية عملت على إضعاف وحدة الأمة، واستهدفت في العمق عمود ارتكازها وهو الإسلام بقيمه ومبادئه الجامعة. ومع سقوط الاتحاد السوفيتي أواخر القرن الماضي، برز توجه غربي متصاعد يضع العالم الإسلامي في خانة التهديد القادم، وهو ما عبّرت عنه تصريحات ساسة بارزين في أوروبا وأمريكا.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وما تبع سقوط الدولة العثمانية، دخلت المنطقة العربية مرحلة جديدة من التقسيم والتجزئة بموجب اتفاقية سايكس–بيكو، وتوزعت أراضيها على دول الانتداب الأوروبي. ورغم نيل العرب استقلالهم لاحقًا بعد نضال طويل، إلا أن القوى الكبرى عملت على زرع إسرائيل كقاعدة عسكرية متقدمة ورأس حربة تُستخدم كلما اقتضت المصالح الغربية ذلك.
ومع العقود الأخيرة، أخذت بعض المشاريع الاستعمارية القديمة تتجدد بصيغ جديدة، مثل مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يتقاطع مع أطروحات إسرائيلية حول ما يسمى “إسرائيل الكبرى”.
هذه المشاريع تسعى إلى إضعاف الدول العربية، وإشغالها بصراعات داخلية، وحرمانها من مقومات القوة والتنمية، فضلًا عن محاولة فرض واقع جديد في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني.
اليوم، نرى شواهد هذه المشاريع في العدوان الإسرائيلي على غزة، والتضييق المستمر على الشعب الفلسطيني، والتدخلات المتعددة في شؤون دول عربية أخرى.
كما تجلّت في بعض مسارات التطبيع غير المتوازن، التي أُريد منها تجاوز الثوابت العربية والإسلامية فيما يخص الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ورغم هذه التحديات، برزت المملكة العربية السعودية كصوت عربي وإسلامي ثابت يقف بوضوح ضد هذه المشاريع، مؤكدًا أن لا استقرار في المنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
وقد قادت الرياض مع فرنسا جهودًا دولية مؤثرة لدعم خيار حل الدولتين، وهو ما أثمر عن اعتراف أكثر من 145 دولة بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أن مواقف المملكة، من خلال بيانات وتصريحات قيادتها ووزارة خارجيتها، جاءت حاسمة في رفض سياسات الاحتلال، والتأكيد على ضرورة إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ووقف الاعتداءات المتكررة، ورفض محاولات طمس هويته وحقوقه المشروعة.
وفي وقت أقدمت فيه بعض دول العالم على قطع علاقاتها مع إسرائيل احتجاجًا على ممارساتها، فإن المملكة تواصل دورها القيادي في بناء موقف عربي وإسلامي موحد، يجمع بين الحزم السياسي والجهد الدبلوماسي الفاعل، لإبقاء القضية الفلسطينية حيّة في الضمير العالمي، وللتصدي لأي محاولات تهدد وحدة المنطقة واستقرارها.