

بقلم: لواء. م. عبدالله ثابت العرابي الحارثي
لم يعد خطر بعض مشاهير “الفلس” مقتصرًا على محتوى سطحي يفتقد إلى الفكرة والذوق، بل تجاوز ذلك إلى سلوكيات مشينة تُسيء إلى صورة الوطن وقيمه حينما تُمارس خارج حدوده.
وما حدث في باكو مؤخرًا من تصرفات فردية غير مسؤولة لبعض هؤلاء، يمثّل نموذجًا صارخًا لما يمكن أن يخلّفه المحتوى الرديء من أثر على الوعي والسلوك.
إن ما أقدم عليه هؤلاء لا يمثل المجتمع السعودي بعمقه وأصالته، ولا يعبّر عن قيمه ولا مبادئه، فهو تصرف فردي طائش لا يُقاس عليه.
غير أن تداول الصور والمقاطع عبر منصات الإعلام قدّم للعالم صورة مشوّهة توحي – للأسف – بأن هؤلاء سعوديون، بينما الحقيقة أنهم مجرد حالات شاذة تعكس إفلاسًا أخلاقيًا قبل أن يكون إفلاسًا في المحتوى
المسؤولية الوطنية هنا تقتضي وقفة جادة، ليس فقط بردود فعل آنية بعد وقوع الحوادث، بل بعمل استباقي يطهّر فضاءنا الرقمي من هذه النماذج، ويضع حدودًا واضحة لما يُنشر ويُقدّم باسم الحرية.
فالحرية لا تعني تجاوز العادات والتقاليد والقيم، ولا تعني أن يسيء الفرد إلى سمعة وطنه وهو يظن أن ما يقوم به شأن شخصي. في كل العالم، الحرية مقيدة بالمسؤولية، وأي تجاوز لها هو فوضى لا يمكن القبول بها.
إن المجتمع السعودي، الذي عُرف عبر تاريخه بالنبل والقيم والاعتزاز بالهوية، لا يمكن أن يُختزل في صورة سفهاء يلهثون وراء شهرة زائفة أو محتوى مبتذل.
لذلك، فإن المحاسبة واجبة، ليس فقط بحق من تجاوز في الخارج، بل أيضًا لكل من امتهن تقديم محتوى رديء يسيء إلى الذائقة والقيم داخل الوطن.
إن حماية صورة الوطن ليست خيارًا، بل مسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتنتهي بالمؤسسات الرسمية، ويمرّ عبر وعي مجتمعي يرفض أن تُسرق هويته وتُدنّس قيمة على يد مفلسين في الأخلاق والفكر.
هؤلاء يجب أن يعرفوا أن هناك خطوطًا حمراء لا يُسمح بتجاوزها، وأن من يسيء للوطن وقيمه لن يجد مكانًا في فضائنا الإعلامي ولا الاجتماعي.
باختصار، أجزم يقينًا أن الوطن أكبر من أن يشوّهه محتوى رديء يصدر عن سفيه، وأعظم من أن تُلصق به تصرفات طائشة.
فالمملكة ستظل عنوانًا للقيم والاعتزاز بالهوية، بينما السفهاء ومن سار على نهجهم ليسوا إلا ظواهر عابرة تموت بغيظها، وتبقى الأمة شامخة بثباتها وسموها.

