الكاتب : النهار
التاريخ: ٠١:٢٩ م-٠٣ يوليو-٢٠٢٥       7260

بقلم: أ.د.صالح معيض الغامدي 

نلحظ في عدد غير قليل من السير الذاتية ظاهرة لافتة وهي ظاهرة التكرار، حيث نجد أن بعض كتاب السيرة وكاتباتها يلح في تكرار الحديث أو الإشارة إلى تجربة حياتية معينة في مناطق متفرقة من سيرته، فكيف نفسر هذه الظاهرة؟. 

لكي نستطيع الإجابة على هذا السؤال ينبغي لنا تحديد طبيعة التجارب الحياتية المكرورة أولا، ويمكن تصنيفها بشكل عام في نوعين رئيسين: أحدهما التجارب الإيجابية والتجارب السلبية، فلكل نوع من التكرار فيهما دلالة أو دلالات مختلفة.

فالكاتب يكرر الإشارة إلى التجارب الإيجابية نظرا لأهميتها الجذرية في تشكيل حياته وشخصيته وهويته، فهو يشعر بالمتعة في ترديدها وأحيانا التغني بها والمفاخرة الضمنية أو العلنية بها، كما يمكن أن يكون الحب والوفاء والاعتراف بالجميل لمن كان لحضورهم في تجاربه الحياتية بصمات إيجابية مثل الآباء والأمهات والأصدقاء … الخ. 

وفي بعض الأحيان قد نجد أن حرص الكاتب على ربط اسمه ببعض الشخصيات المرموقة في المجتمع يكون سببا لهذا التكرار.

أما تكرار الإشارة إلى بعض التجارب السلبية، فيمكن عزوه إلى حرص الكاتب على أن يبدو صادقا في سيرته، وبخاصة عندما يشارك بعض القراء في الاعتقاد بأن من مظهر مصداقية السيرة الذاتية وجودتها الاعتراف بالتجارب السلبية في حياة كاتبها.

وقد يكون السبب في التكرار هذه التجربة مدى فداحة الضرر الذي ألحقته هذه التجربة في مسيرة حياة كاتبها، كما أن الرغبة في التبرير أو الدفاع عن النفس قد يكون سببا في تكرار الإشارة إلى تجربة حياتية سلبية في حياة كاتبها.