الكاتب : النهار
التاريخ: ١١:٢٤ م-٢٦ ابريل-٢٠٢٤       53790

بقلم : ياسر العيساوي*

 

تتفاوت  أهمية الرياضة  في حياة الأفراد بشكل كبير. قد يعتبر البعض الرياضة مجرد لعبة ترفيهية بسيطة، في حين يملأ الآخرون قلوبهم وعقولهم بشغفهم لها. ومع ذلك، نشهد ظاهرة تعصب رياضي في مدارسنا تتسبب في آثار سلبية على بيئة التعلم وتنمية الطلاب. إن هذه الظاهرة تستحق اهتمامًا وتدخلًا فوريًا.

تجسدت هذه الظاهرة بوضوح في معاينتي لتجربة طالب في المرحلة الابتدائية، حيث كان يعاني من الاستبعاد والعزلة من قبل زملائه. كانت لديه صعوبة في إيجاد أصدقاء ونادراً ما يشارك في المحادثات مع الآخرين. وفي يوم من الأيام، قدِم هذا الطالب إلى المدرسة مرتديًا قميصاً يحملُ شعار أحد الأندية المشهورة في الدوري السعودي للمحترفين. وبدأت الأسباب الحقيقية لانعزاله الدائم تتكشف بوضوح. فقد كان معظم زملائه من مشجعي فريق منافس. 

من هنا يُطرح سؤالاً جوهرياً: من الذي يغذي هؤلاء الأطفال بسم التعصب الرياضي؟ هل تقوم وزارة التعليم بتنفيذ برامج تثقيفية مضادة لهذه الظاهرة الضارة؟ إن  التعصب الرياضي  ليس مجرد مسألة تفضيل لفريق ما بل يتحول إلى تحيز سلبي يؤثر على العلاقات الاجتماعية والتفاعلات في المدرسة. وبالتالي، يمكن أن يتطور إلى سلوك التنمر والاقصاء.

التنمر والاقصاء يمثلان مشكلتين خطيرتين تواجه الطلاب في البيئة التعليمية. يتعرض الطلاب الذين يعانون من  التعصب الرياضي  لمضايقات وانتقاص من قبل زملائهم، مما يتسبب في تأثير سلبي على صحتهم النفسية وتحصيلهم الأكاديمي. إنها دوامة مدمرة تؤثر على مستقبل الشباب وتعكس ضعفًا في القيم التربوية والأخلاقية.

لذلك، يجب على وزارة التعليم أن تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية والتعليمية في مواجهة هذه المشكلة المتفاقمة. ينبغي أن تعمل الوزارة على تطوير برامج تثقيفية شاملة تستهدف طلاب المدارس، وتسلط الضوء على أهمية الروح الرياضية النبيلة والتعاون والاحترام المتبادل بين الاندية الرياضية.

يجب أن ترتكز هذه البرامج التثقيفية على إشراك الطلاب في نشاطات تعزز الوعي بالقيم الأخلاقية والروح الرياضية السليمة. يمكن تنظيم ورش عمل ومحاضرات تفاعلية تناقش مفهوم التنمر والتعصب الرياضي وتعطي الطلاب الفرصة للتعبير عن آرائهم وتجاربهم في هذا الصدد. علاوة على ذلك، ينبغي أن تركز البرامج على تعزيز التواصل الإيجابي والتعاون بين الطلاب من خلال الأنشطة الرياضية والفنية والاجتماعية. يمكن تنظيم فعاليات تشجع الطلاب على العمل كفريق واحد، بغض النظر عن انتماءاتهم الرياضية، وتعزز قيم التعاون والاحترام المتبادل.  

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تشجيع المدارس على تبني سياسات صارمة ضد التنمر والاقصاء، وتوفير بيئة آمنة وداعمة للجميع. يجب أن يشعر الطلاب بأنهم جزء من مجتمع مدرستهم وأن لديهم حقوقهم وواجباتهم المتساوية.

وفي الختام، يجب أن ندرك أن  التعصب الرياضي  والتنمر لهما تأثيرات سلبية لا يجب تجاهلها. يتعين علينا جميعًا، سواء كانوا أولياء أمور أو معلمين أو مسؤولين تعليميين، العمل سويًا لمحاربة هذه الظاهرتين الضارتين وبناء بيئة تعليمية صحية ومشجعة لنمو شامل وتنمية طلابنا في جميع الجوانب الحياتية.
*معلم وسفير رابطة المعلمين الدولية في المملكة العربية السعودية، عضو في SSAT