الكاتب : النهار السعودية
التاريخ: ١٤ ديسمبر-٢٠٢٣       42240

المحرر الثقافي الكاتب محمد سعيد الحارثي

لم تكن أمسية عادية محاضرة الدكتور  سعيد القرني  أستاذ اللغة العربية بجامعة أم القرى، والتي أقيمت مساء يوم الثلاثاء في الثاني عشر من الشهر الحالي ديسمبر بمقهى "مادلين" بحي العوالي بمكة، والتي كانت بعنوان "المقهى بين سياقين عربي وغربي". 

لقد كان هذا العالم اللغوي مدهش في طريقة تفكيكه للمفردة أوالإسم ومما يزيد من الدهشة بأن المفردة التي يخيل إليك بأنها أجنبية يفككها في اللفظ وفي المعنى ليرجعها لأصلها اوجذورها فيتضح لك بأنها عربية المنشأ. فاستهل محاضرته بمقدمة موجزة عن المحاضرة بقوله بأن الألفاظ أو المسميات لم توضع عبث أو بطريقة عابرة، بل لها دلالتها في المعنى والظرفية للمكان والزمان، حينها بدء بإسم المقهى في كلمة "مادلين" والتي عرفناها بأنها يونانية، والتي تعني المرأة الفاتنة أو المثيرة، بينما الدكتور سعيد له رأي آخر فيقول بأن أصلها ماجدولين وحرفت للإنجليزية بإسم مادلين، وهي ترجع لأصلها مجدل وهو لفظ ارامي، وهي تعني عسقلان وهي بلدة معروفة في ارض فلسطين، وهي من أقدم البلدات في تاريخ الإستيطان البشري، وتذكر كتب التاريخ بأنها قبل الميلاد. 

وعرج بنا الدكتور على بعض الألفاظ كمثال ومنها لفظ "مقهى:" فقال سميت القهوة بقهوة لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تغنيه، وتناول غيرها من الألفاظ، مثل لفظ مسرح وقام بتفكيكه بطريقة عجيبة ومقنعة. 

وفي ختام هذه الأمسية أثنى فيها على وزارة الثقافة، على جهودها لنشر الثقافة لكل شرائح وفئات المجتمع، وأشاد بحراكها الثقافي الغير مسبوق. 

فهنا لنا وقفة عند راعي هذه الأمسية الدكتور سعيد القرني، فحين تستمع لهذه الشخصية لاتملك غير أن تصفق له لهذا العلم الغزير في تخصصه، وكأنك تقرأ في معجم لسان العرب لإبن منظور، ولهذه القدرة البلاغية التي يمتلكها وبأسلوب يجعلك مشدود الذهن ومصغي إليه، ولايجعل الملل يتسلل إليك لأنه يؤنس الحضور بإدخال الطرافة والفكاهة في أسلوبه. 

وأعتقد بأن الدكتور سعيد الغى الصورة النمطية عن بعض الأكاديميين، فلا برج عاجي عنده، وتجد سمة العلماء فيه وهو التواضع والأريحية وخلقه الرفيع وأدبه الجم فتجده لايفرق بين أحد، حتى للذي يقابله لأول مرة ووفي لأساتذته، مقدرا مكانتهم وعلمهم فلم يبدء بالمحاضرة حتى يكون البروفسور العلامة عبدالمجيد الطيب عمر بقربه بمنصة الأمسية. فالدكتور سعيد تألفه النفس في الحقيقة كانت أمسية مختلفة عن غيرها من الأمسيات. 

ولكن هناك إشارة لابد أن نشير إليها، وهي جديرة بالإهتمام يجب على القائمين على الأمسيات ببعض المقاهي، بأن يحرصو على إقامة مواعيدها، بألا تتعارض مع الجانب الرياضي في لعبة كرة القدم، وخصوصا المباريات المهمة في الدوري السعودي، والذي أصبح من الدوريات الساخنة في العالم لإستقطابه لألمع الأسماء عالميًا في هذه اللعبة، حتى يتسنى للمهتمين بالثقافة والأدب بحضور هذه الأمسيات. 

والمفارقة العجيبة حين الإنتهاء من هذه الأمسية، وجدنا نسبة كبيرة من الجمهور تتابع في احد المباريات، على ناصية المقاهي المنتشرة بهذا المجمع بحي العوالي بمكة،. 

يذكر أن أبرز الحضور لهذه الأمسية الوجه الإعلامي الإذاعي المعروف الأستاذ عماد ابوعلامة، كذلك حضرها الأستاذ خضر العُمري المبتعث بالولايات المتحدة الأمريكية دراسات عليا للتحضير لدرجة الدكتوراه والحاصل على درجة الماجستير تخصص علوم سياسية من جامعة هارفارد كما حضرها الأستاذ عبدالرحمن الشهري فكانت المداخلات مثرية من الأستاذين ابوعلامة والعمري.