الكاتب : النهار
التاريخ: ١٣ نوفمبر-٢٠٢٥       8635

بقلم -ليلى العوفي
لم يعد المستقبل ينتظرنا، بل يسبقنا بخطى الذكاء الاصطناعيّ.
ففي سنواتٍ قليلة، تحوّلت الآلة من أداةٍ للتنفيذ إلى شريكٍ في التفكير، يشارك الإنسان أعماله وقراراته، وربما ينافسه فيها.
ومنذ مؤتمر دارتموث عام 1950 الذي وُلدت فيه فكرته، والعالم يشهد ثورة رقمية غير مسبوقة غيّرت وجه الحياة والعمل. 
أضحى الذكاء الاصطناعيّ اليوم فاعلًا رئيسًا في مختلف القطاعات: التعليم، والصحة، والإعلام، والصناعة، والتجارة.
وبين التفاؤل بإنجازاته، والقلق من تهديده للوظائف، يبرز سؤالٌ جوهريّ: هل سيحلّ محلّ الإنسان؟
لقد غيّر الذكاء الاصطناعيّ ملامح سوق العمل، فاختصرت الآلة كثيرًا من المهام المتكرّرة بسرعة ودقّة، مما قلّل الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية كخدمة العملاء وإدخال البيانات والترجمة.
ومع ذلك، لم يُلغِ الذكاء الاصطناعيّ العمل الإنسانيّ، بل أعاد تشكيله، ففتح مجالاتٍ جديدة في البرمجة وتحليل البيانات وتطوير الخوارزميات والأمن السيبرانيّ. 
ورغم القلق المبرّر من التغيير، فإنّ الذكاء الاصطناعيّ ليس كائنًا مستقلًّا، بل أداة صنعها الإنسان ولقّنها خوارزمياتٍ محدّدة لتعمل بها.
إنّه انعكاسٌ لعقولنا، وذاكرةٌ لقدراتنا، لا بديلٌ عنها.
فهو يفتقر إلى الإبداع والمشاعر الإنسانية، ويعتمد على ما نزوّده به من معرفةٍ وتوجيه. 
إنّ التحدي الحقيقيّ لا يكمن في الذكاء الاصطناعيّ ذاته، بل في قدرتنا على استخدامه بحكمة وتوجيهه لصالح الإنسان.
فمستقبل العمل لن يكون صراعًا بين الإنسان والآلة، بل شراكة نجاحٍ بينهما.
ولن يكون الذكاء الاصطناعيّ بديلًا عن الإنسان، بل دافعًا لأن يكون أكثر إنسانيةً، وأكثر وعيًا بقدراته الإبداعية.