بقلم -د . أحمد بن سعد بن غرم الغامدي
مناقب المملكة العربية السعودية الدينية ؛ مناقب لا تساميها مناقب، ولا تدانيها سمات، ولا تقاربها خلال.
المملكة العربية السعودية وارثة مجد الرسالة المحمدية، وقبلة الأمة الإسلامية، ومهوى أفئدة المؤمنين، ومنارة الهدى التي أضاءت دروب الأمة في عصورٍ تاهت فيها القيم وتبددت فيها الموازين.
رفعت لواء الإسلام خفاقاً في العالم، واستمسكت بعروبتها الأصيلة، وناضلت من أجل قضايا المسلمين ونصرتها، فكانت لسانهم الصادق، وملاذهم الآمن، ودرعهم الواقي في زمنٍ تتقاذف فيه المصالحُ الأوطانَ والمبادئ.
حكامها الميامين بشروا بالدين وناصروا دعوته وتعاهدوا مع العلماء على نصرته، فكان العهد بين الحاكم والعالم ميثاقاً على إقامة الدين وصيانة التوحيد ونشر العلم، ومن ذلك الميثاق انطلقت الدولة عبر مئات الأعوام قوية العقيدة، واضحة المنهج، ثابتة الدعائم.
فما كان من أهل الجزيرة إلا اليقين بتصديق دعوتهم وصلاح منهجهم، فاستجابوا لها، فكانت في الجزيرة العربية بعثاً جديداً لتجديد ما اندرس من معالم الدين، فأحيا الله بها السنة، واندحر بها الشرك والبدع، وتوحّد بها الشمل بعد فرقةٍ وضعفٍ وشتات.
فبسط الله سلطانها في الجزيرة، وتنادت أطرافها للقلب بالنصرة والتضحية والفداء، فامتدت راية التوحيد لتظلَّ ربوع الوطن كله، وتشيع الأمن بعد الخوف، والعلم بعد الجهل، والوحدة بعد الشتات.
كانت مسيرةً طويلةً ومباركة، كتبتها هذه الدولة الإسلامية بمداد الإيمان والصدق، في حقبها وأطوارها، من لدن المؤسسين الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله، حيث التقت الإمامة السياسية بالدعوة الدينية على قاعدة: “نحكم بالشرع وندعو إلى التوحيد”، فكانت تلك اللحظة مفصلاً في تاريخ الأمة، وأساساً لدولةٍ قامت على الدين والعدل والعلم، لا على العصبية أو الجاه أو الهوى.
ومنذ ذلك العهد إلى يومنا هذا، والمملكة العربية السعودية نورٌ وبرهانٌ وضياءٌ للمسلمين بعامة برغم ما أصابها من الحاقدين والجاحدين ، فهي التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة، وبين الثبات على الدين والانفتاح على العالم بالعلم والحكمة.
فهي في الحرمين الشريفين رمز القداسة، وفي سياستها رمز الحكمة، وفي اقتصادها رمز القوة المتزنة، وفي نهضتها رمز الإبداع والتخطيط الراشد.
وقد قامت هذه الدولة المباركة على مبادئ لا تتبدل، فكانت السيادة للشرع، والعزة في الطاعة، والكرامة في خدمة الحرمين، والرسالة في نصرة الإسلام والمسلمين.
حملت همّ الأمة في محافل العالم، ونادت بالوسطية والاعتدال، ودافعت عن الحق وقاومت الباطل، فكانت بحقّ صوت الإسلام المعاصر في عالمٍ مضطرب القيم والموازين.
ومع تعاقب الملوك البررة من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ظلت المملكة تسير بخطى ثابتة نحو العزة والمنعة والازدهار، تجمع بين حفظ الأصول وتطوير الوسائل، وبين الوفاء للتاريخ والتطلع للمستقبل، فاستمر البناء يعلو، والإنجاز يتسع، حتى غدت المملكة اليوم منارةً في السياسة والاقتصاد والعلم والدين، وقوةً إسلاميةً وعربيةً ذات أثرٍ عالميٍّ مشهود.
ولئن كانت هذه المناقب هي ثمار جهدٍ بشريٍّ مؤيدٍ من الله، فإن سرّ عظمتها في صدق النية وإخلاص التوجه، وفي استمساكها بالمنهج الذي قامت عليه منذ نشأتها: منهج التوحيد، والعدل، والوسطية، وخدمة الإسلام والإنسان.
وما زالت المملكة – بعون الله – تسير في طريقٍ رسمته بثقة، ووقوده الإيمان، وغايته رفعة الإنسان والمكان، فهي بحق درة الأوطان، ومهوى الأفئدة، وملحمة العطاء والرسالة، ومفخرة المسلمين في كل زمان.
وهاهي الآن في عهد الإمامين سلمان الحزم ومحمد العزم باركهما الله تعالى ، تشق طريقها بمبادئها وقيمها، وتجدد شبابها وفتوتها بالإيمان ، ماضيةً إلى المستقبل بخطى راسخة، وعزيمة مؤمنة، ورؤيةٍ تصنع للأمة مجداً جديداً يليق بتاريخها ومكانتها بين الأمم.