الكاتب : النهار
التاريخ: ١٧ اكتوبر-٢٠٢٥       17490

بقلم ـ منى يوسف الغامدى

إيماناَ من رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بقيادة معالي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس بدور المرأة المسلمة في الحياة الأسرية والاجتماعية والوطنية ؛ ولأهمية هذا الدور العظيم تم تخصيص الجلسة السادسة في مستهل اليوم الثاني من أيام (ملتقى مآثر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح وجهوده في المسجد النبوي )بعنوان : عناية سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح بالقضايا الأسرية والاجتماعية ، وإكراماً وتكريماً لعائلته المباركة فقد تم تكليف سعادة الأستاذة فاطمة بنت عبدالعزيز بن صالح برئاسة الجلسة وشاركت حفيدتي الشيخ أ. مشاعل بنت أحمد بن عبدالعزيز الصالح، وأ. بسمة بنت محمد بن عبدالعزيز الصالح في المحور الأول عن علاقة الشيخ ببناته وأهل بيته، وكان حوارا ثرياً مفعمًا بالذكريات العطرة ، حيث تناوبتا على الحديث عن سماحته بطريقة متناغمة وبحب كبير وفخر أكبر بعلاّمة نذر عمره للعلم والتبحر في فنونه حتى لقب بالعالم الموسوعي ، وتحدثتا عن لفتته البارة بأبيه فكان لا ينسب نفسه و لا يُعرف باسم عائلته بل باسم أبيه براً به ، فما أجمل البر وما أعظمه للوالدين .

كان أباً عطوفاً وفي مسيرة حياة أبنائه التعليمية يتابعهم في مدارسهم كولي أمر وليس رئيس المحاكم الشرعية أو الإمام والخطيب في المسجد النبوي ، تحدثت الحفيدتان عن هيبته و عن عطفه على بناته فكان يحتضن ابنته ببشته عندما يدخل على أهل بيته ، وعن عدله بين زوجتيه فالعدل والانصاف قاعدة راسخة لديه، كما أنه كان باراً بأخيه الأكبر عثمان، وعن علاقته بالعمة شيخة التي يكن لها كل الاحترام والتقدير. وتحدثتا عن طابور العيدية في أسلوب فريد يشعر كل حفيد وكل ابن بأنه الأقرب لقلبه، وكان يقول عبارة حفظوها معه (أنعم الله) ويردون عليه معا وبصوت واحد (حياك الله).

 رائحة البخور المميز تنطلق من مجلسه العامر الذي يفتحه كل ليلة بعد صلاة المغرب لاستقبال أهل المدينة وزوارها؛ وأهل بيته بدورهم يلتزمون خفض الصوت والهدوء والسكينة فهذا موعد استقبال ضيوف الشيخ. في بيته دروس تُعلم ومواقف تُدرس؛ ولم يتوقف مجلسه حتى بعد وفاته. وبعد سنوات من رحيله تبقى رحلة الذكريات ورحيقها العطر يعطر كل بيت في المدينة، فسيرة الجد صفحات مضيئة عطرة إماما وقاضيا ومصلحا اجتماعيا ومربيا يبقى أثره ممتدا ًوإرثه التربوي تفاخر به الأجيال.

أما المحور الثاني فكان عن عناية سماحة الشيخ بقضايا الأسرة وتناولت الحديث عنه سعادة الدكتورة فوز بنت محمد الصالح ، والمحور الثالث كان عن عناية سماحة الشيخ بقضايا المجتمع كان حديث القلب من الدكتورة ميمونة أحمد فوتاوي وبيت أهلها كان مجاوراً لبيت الشيخ ؛ استحضرت ذكرياتها من طفولتها ثم توقفت عند خطب سماحته والتي تميزت بعنايته بالأسرة واستقرارها وحرصه على وجود روابط بين أفراد المجتمع وعن التعاملات المالية ففي نجاحها استقرار مجتمعي وفي فسادها ضياع لحقوق الناس، وعن صلة الرحم التي تعمق أواصر الترابط المجتمعي ، تحدثت عن تلاوة الشيخ لسورة الرحمن في صلاة العيد وارتباط أهل المدينة روحانياً ووجدانياً بصوته الشجي الذي يلامس شغاف القلب .

وختمت الجلسة بمشاركة متميزة عن أثر عناية سماحته بقضايا الاجتماعية والأسرية في المجتمع قدمتها الأستاذة آمال بنت إبراهيم عمر كمال والتي بدأت حديثها بأبيات شعرية نظمتها في أثناء افتتاح الملتقى:

الفخرُ أن يرعى الأميرُ الملتقى ...........هذا يزيد تميزاً هذا اللقا

لاسيما وابنُ السديس دعا الملا ........ طابت مناسبةٌ تُتمُ تألقاً

هات المداد وسطر الأفكارا... ولًى ظلامُ الجهل فارع نهارا ،

بالعلم تُبنى أمةٌ مرموقةٌ.... والعالمون يُشيدون فخارا.

 وقالت: مهما استرسلت في وصف فضل الشيخ ونواله؛ لم أستطع الحصر في ميدانه ومجاله، فالحديث شيق ، ولكن الوقت ضيق ، وقالت في ختام كلماتها المباركة:

جفً المدادُ وما انتهت أفضاله .........وتوقفت أقوالنا لكن تلك فعاله

ماذا يقول الشعر عن نجمِ مضى........ وتكلمت بعد الممات خصاله

عبد العزيز حباك ربي جنةً ..... وُضع القبول لمن زكت أعماله.

وقد أكدت الأستاذة آمال في كلمتها على أن الدولة بقيادتها الرشيدة ضربت أروع الأمثلة في رعاية العلماء وإكرامهم، فقد عرفت المملكة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس بأن نهضة الأمم لا تقوم إلا على أكتاف العلماء، وكانت رعايتهم سياسة راسخة لا شعارا عابرا، يكرمون في حياتهم ويخلد ذكرهم بعد مماتهم

وفي ختام الجلسة النسائية كان لمعالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس مداخلة صوتية هاتفية كان لها وقع كبير على أهل بيت سماحة الشيخ والحاضرات بكلماته المؤثرة مؤكدا على أن النساء شقائق الرجال فالمرأة صنو الرجل في هذه الحياة ، وأكد على ان سماحة الشيخ كان أئمة في إمام ومكانته العظيمة ومنزلته الكبيرة في قلوب ونفوس المسلمين خالدة وفي مجتمع المدينة ذكره يعطر المجالس ، وجانب عناية سماحته بأسرته وأهل بيته وعلاقته بأبنائه وأسرته يمثل منهج التأسي بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( استوصوا بالنساء خيرا) فلله در الشيخ وزوجته وأولاده وبناته الذين قاموا بدورهم ليكونوا عوناً وعضداً لوالدهم ليقوم بدوره ومسؤولياته ، هذا التميز للنجم اللامع والقمر الساطع هيأ الله له زوجا وأهل بيت ساعدوه في نجاح دوره خارج البيت فأنعم وأكرم بهذه الأسرة المباركة .

سعدت بحضور الجلسة وتوثيق محاورها وكلمات الوفاء والعرفان وقلت بأن صاحب القرآن لا يموت وأهل بيته سيظلون معه ومع تلاوته ومع صوته ومآثره وسيرته ما بقيت السموات والأرض؛ فهنيئا لأسرته ولأمته ولوطنه ولأهل المدينة بصحبة الشيخ وأهله و بهذا الحب الكبير الذي استشعرنا جميعا أننا أهله وخاصته ، الشيخ عبدالعزيز بن صالح علم الأعلام وخطيب المنبر النبوي والقاضي الحكيم والمصلح الاجتماعي الرحيم ، طبت حياً وميتاً وجمعنا الله بك في مستقر رحمته عند مليك مقتدر.