الكاتب : النهار
التاريخ: ١٧ اكتوبر-٢٠٢٥       17820

بقلم ـ د. محمد الحقيب الغامدي

تشرفتُ مؤخراً بحضور مؤتمر تقنية الجيل الخامس في التعليم الذي أقيم في رحاب جامعة طيبة بالمدينة المنورة حيث اجتمع فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين والخبراء لمناقشة آفاق توظيف هذه التقنية الحديثة في تطوير العملية التعليمية .

لقد كان المؤتمر فرصة ثرية لتبادل الرؤى واستشراف مستقبل التعليم في ضوء ما يحمله الجيل الخامس من إمكانات واعدة .

فمع إشراقة الجيل الخامس (5G) انفتحت أبواب جديدة أمام التعليم فلم يعد الدرس مجرد سبورة وكتاب بل أصبح فضاءً متدفقا بالمعرفة سريعا كالبرق ممتدا بامتداد الأفق .

السرعة والاستجابة الفورية 

يمتاز الجيل الخامس بسرعة عالية وزمن استجابة منخفض يكاد يكون لحظيا وهذا يعني أن الطالب حين يطرح سؤالا عبر منصات التعليم المباشر تصله الإجابة مصحوبة بصور فيديوهات ومحاكاة ثلاثية الأبعاد دون أي انقطاع وكأن المعلم أصبح حاضرا معه أينما كان .

التعلم بالواقع الافتراضي المعزز 

بفضل الله ثم بفضل تقنية 5G يمكن للطلاب دخول مختبرات افتراضية وتجارب كيميائية دون الحاجة لمعامل مكلفة أو خطرة . 

الطالب يرى تفاعلات الذرات أمامه والطالبة تتجول في جسم الإنسان وكأنها طبيبة في غرفة عمليات، هذه التجارب الحية تجعل التعلم أكثر رسوخا وإثارة .

الذكاء الاصطناعي والتعليم الشخصي 

تقترن قوة الجيل الخامس بالذكاء الاصطناعي فيتحول التعليم إلى رحلة فردية موجهة النظام يتابع أداء الطالب ويعرف نقاط ضعفه ويقترح تمارين خاصة به بل يعطي للمعلم خريطة واضحة عن مستوى كل طالب وهكذا يصبح الدرس ( tailored ) مصمم خصيصا لكل عقل .

التعاون العابر للحدود

بفضل شبكات 5G يمكن لطلاب من آسيا وأفريقيا وأوروبا أن يجتمعوا في فصل افتراضي واحد يتبادلون الأفكار في مشروع جماعي حي ، والحدود تتلاشى وتصبح الأرض كلها مدرسة واحدة والعقول تتلاقى كما لو كانت جيرانا .

العدالة الرقمية والوصول المفتوح 

أحد أجمل وعود الجيل الخامس أنه يردم الفجوة بين المركز والأطراف .

 الطالب في قرية نائية يستطيع أن يحصل على نفس الدروس التي يتلقاها زميله في مدينة كبرى .

فالتعليم هنا يصبح حقا عالميا لا يميز بين غني وفقير ولا بين قريب وبعيد .

الجيل الخامس ليس مجرد نقلة في سرعة الإنترنت بل هو نقلة في فلسفة التعلم نفسها . 

إنه انتقال من التلقين الجامد إلى التجربة الحية ومن الفصل الضيق إلى المدرسة الكونية ومن المحتوى الموحد إلى المسار الشخصي .

إنه باختصار : ثورة تربوية تمشي على جناح التقنية وتفتح عقول الأجيال القادمة على عوالم غير مسبوقة .

 شكرا جامعة طيبة .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .