بقلم - د. أحمد بن سعد بن غرم الغامدي
الحياة الزوجية ليست مجرد عقدٍ ورباطٍ شرعيٍّ يجمع بين رجلٍ وامرأة، بل هي ميثاقٌ غليظٌ يُبنى على المودة والرحمة والتقدير، هي سفينة تسير في بحر الحياة، لا تبلغ شاطئ الأمان إلا حين يسكب كلٌّ من الزوجين في قلب الآخر قطراتٍ من الامتنان والعرفان.
إن الشكر في الحياة الزوجية ليس مجرد كلمةٍ تُقال، بل هو لغة الروح التي تُترجم المحبة الصادقة، وهو الوقود الذي يُنعش المودة ويجعلها دائمة النماء، كم من بيتٍ تهدّم لا لغياب المال، ولكن لغياب كلمةٍ لطيفة تُقال في وقتها، أو نظرة امتنان تُعيد التوازن إلى النفوس المتعبة!.
*فلماذا تختفي كلمة “شكراً” من حياتنا الزوجية؟*
ربما لأن الاعتياد يقتل الإحساس، ولأن كثرة المعروف تُنسي فضله، حين تبدأ الحياة بالحب والعناية، يظن كل طرف أن هذا هو “الطبيعي” الذي لا يحتاج إلى شكرٍ أو تقدير، فتذبل الزهرة شيئاً فشيئاً حتى تموت بصمتٍ، إننا نُتقن تقديم الشكر للأصدقاء والزملاء، ونبخل به على أقرب الناس إلينا، كأن الزوجة لا تسمع ولا تتعب، وكأن الزوج لا يكدّ ولا يضحي!.
ولكي تعود “شكراً” إلى بيت الزوجية، لا بد من تربيةٍ جديدة على ثقافة الامتنان، أن يشكر الزوج زوجته على عنايتها ببيتها وأولادها، وعلى حسن تبعلها وصبرها، وأن تشكر الزوجة زوجها على كده وسعيه ورعايته، وأن يُترجم هذا الشكر بالقول والعمل والابتسامة والدعاء.
أما آثار الشكر فهي عجيبة المفعول؛ إذ يزرع الطمأنينة في القلب، ويُنعش العلاقة من جديد، ويجعل كلا الزوجين يشعر بأنه مُقدَّر ومحبوب، فالشكر يجلب المزيد من العطاء، كما قال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾، وهذه سنة ربانية تشمل كل العلاقات الإنسانية، وفي مقدمتها العلاقة الزوجية.
عودوا إلى بيوتكم بكلمةٍ طيبة، وقولوا لمن شارككم رحلة العمر: "شكرًا لكِ لأنكِ كنتِ السند، وشكرًا لكَ لأنك كنتَ الأمان،
كلمةٌ لا تُكلِّف شيئًا، لكنها تصنع كلّ شيء، شكراً لكم".