الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٤:٥٩ م-٢٨ أغسطس-٢٠٢٥       6765

بقلم: د. فاطمة سعد الشهراني

تُعد المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في العالم العربي في مجال إنشاء السدود، وذلك بحكم طبيعتها الصحراوية وحاجتها إلى تخزين مياه الأمطار والسيول للاستفادة منها في الشرب والزراعة. ووفقًا لبيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة لعام 2024م، فقد بلغ عدد السدود في المملكة أكثر من 600 سد تتوزع في مختلف مناطقها.

ورغم ما تحققه هذه السدود من فوائد مهمة كتأمين المياه للسكان، وحماية المدن من أخطار السيول، والمساهمة في تغذية المياه الجوفية وتنشيط السياحة، إلا أن التوسع الكبير في إنشائها أفرز العديد من الآثار السلبية التي لا يمكن تجاهلها. فقد أظهرت دراسات متخصصة في تاريخ الزراعة وبناء السدود أن كثرة السدود قد تؤثر على البنية التحتية للمدن القريبة منها، وتزيد احتمالية الانهيارات أو الفيضانات، كما قد تؤدي إلى تغييرات جيولوجية مثل حدوث الزلازل الصغيرة الناتجة عن ضغط المياه. إضافة إلى ذلك، يترتب على السدود تغير في الأنظمة البيئية الطبيعية، إذ يؤدي ترسيب الطمي إلى تقليل سعة التخزين، كما يمكن أن تسهم في تلوث المياه أو زيادة ملوحة التربة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف إنشائها وصيانتها.

وتبرز في المملكة مجموعة من السدود المهمة، منها سد الملك فهد في بيشة بعسير، الذي تصل سعته إلى نحو 325 مليون متر مكعب ويُعد الأكبر من نوعه ويُستخدم لتخزين مياه السيول وتغذية المياه الجوفية. 
كما يُعد سد وادي حلي في القنفذة من أبرز السدود الزراعية بسعة تقارب 250 مليون متر مكعب، إلى جانب سد وادي جازان بسعة 75 مليون متر مكعب لري الأراضي الزراعية. 
أما سد أبها في منطقة عسير فيحمل طابعًا سياحيًا إلى جانب تخزين المياه بسعة 2.13 مليون متر مكعب، فيما يُعد سد السملقي في الطائف من أقدم السدود التاريخية في الجزيرة العربية.

إن مواجهة الآثار السلبية للسدود لا تعني التخلي عنها، بل تستدعي وضع حلول أكثر توازنًا في إدارتها، ومن ذلك تفريغ مياهها بشكل دوري في الأودية لتسهم في ري المحاصيل الزراعية وزراعة الأشجار وزيادة المساحات الخضراء، إضافة إلى سقاية الحيوانات. 
مثل هذه الإجراءات تعزز من الاستفادة من مياه الأمطار والسيول عبر مساراتها الطبيعية، وتُسهم في حماية البيئة والحفاظ على الموارد المائية والزراعية والحيوانية في المملكة.