الكاتب : النهار
التاريخ: ١٢:٢٦ ص-٢٥ يوليو-٢٠٢٥       7480

بقلم: سعيد بن عبدالله الزهراني
كان هناك مثل يتناقله الناس في الزمن القديم يقول: "ما أحسني ضيفًا وما أخسني مضيِّفًا".
وكان يُطلق على أولئك الذين يحبّون دائمًا أن يكونوا ضيوفًا، لا مضيفين؛ فبيوتهم مغلقة أمام الضيوف، سواء من الأقارب أو غيرهم، ومع ذلك يتسابقون لحضور الدعوات، وأحيانًا بدون دعوة!
لكنهم في المقابل لا يُعرف عنهم تقديم الدعوات أو استقبال الضيوف.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت وسائل “التواصل الاجتماعي” تعجّ بما ينطبق عليه ذلك المثل.

أشخاص لا يعرف أحد مجالسهم، ولا تطرق بيوتهم دعوة، ومع ذلك يتصدرون المشهد في مختلف المناسبات، ويجلسون في صدر المجالس، ويتحدّثون عن أهمية الكرم، رغم أن بينهم وبين الكرم مسافات بعيدة!

وإن قيام بعض المضيفين بتوجيه الدعوات لأمثال هؤلاء، رغم معرفتهم بغياب الكرم عنهم، قد يكون بدافع المصالح الشخصية؛ كأن يكون الضيف في موقع مسؤولية ويُستفاد منه بشكل أو بآخر، أو من رجال الأعمال، بهدف التقرب منهم، أو من فئات أخرى تربطهم مصالح متبادلة.

أما أولئك الضيوف الذين لا يتركون مناسبة إلا حضروها، فعليهم أن يستفيدوا من مظاهر الكرم الحقيقي، وأن ينقلوها إلى بيوتهم، ويُشركوا فيها الأقارب والفقراء، حتى لا تظل مناسباتهم مقتصرة على فئات المصالح فقط.

وإذا كانوا عاجزين عن تقديم الكرم، فعليهم الابتعاد عن “مناسبات المصالح”، حتى لا تُلصق بهم صفة البخل، لأن من غير اللائق أن يحضر أحدهم جميع الولائم، بينما تمر السنوات ولا تُعرف مجالسه بأي مناسبة، عدا عيد الفطر!

إن الكرم صفة من صفات الإيمان، إذا خلُصت من المصالح والأهداف الشخصية، فهو يزيد المحبة والألفة بين الأقارب وأفراد المجتمع، ويُعزّز العلاقات الاجتماعية، ويُعد من الصفات النبيلة.
والشخص الكريم، الذي يُعرف بكرمه مع الفقير قبل الغني، ومع الجار قبل القريب، هو محل تقدير من الجميع.

وقد قال النبي ﷺ:"مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت." [رواه البخاري ومسلم]

ختامًا: "لكل مثل معنى عند العقلاء، وأصحاب الفكر والرأي، والعبرة ليست في ترديد الأمثال، بل في فهمها وتطبيقها."