الكاتب : النهار
التاريخ: ١١:٣٤ م-١٥ أغسطس-٢٠٢٥       9790

بقلم: عيسى المزمومي

قبل أيام، خرج أحد الإخوة العرب – لا أعلم من أي بلد شقيق – في مقطع مرئي يتحدث عن الخليج وأهله بعبارات لا تليق. وجاء الرد من الفنان السعودي الكبير، الأستاذ علي السبع، بكلمة أترك للقارئ أن يتأملها: «ليست الكرامة في أن نُسقط الآخرين، بل في أن نرفع النقاش إلى مستوى يليق بالعقل والإنسانية»! 

إن من يتناول الخليج أو السعودية بسطحية أو إساءة، يتغافل عن أن هذه الأرض كانت – وما زالت – موطناً للوفاء لمن أحسن وأخلص، وقبل أن يفيض النفط من باطنها، كانت قلوب أهلها تحفظ الجميل لمن مدّ لهم يد العون، وترد المعروف قبل أن تكتبه ذاكرة التاريخ!

نحن أبناء بيئة صحراوية صقلتنا الصعاب، وأبناء بحر علّمنا الكرم والعطاء، تعلمنا أن قيمة المرء لا تقاس بأصله أو نسبه، بل بخلقه وسلوكه، فمن أكرم وأحسن، كوفئ بالإكرام، ومن أساء وتجاوز حدود الأدب، وُجه بميزان العدل!

لقد احتضنت أوطاننا إخوةً من شتى الأقطار، عاش بعضهم بيننا عقوداً حتى صاروا جزءاً من نسيجنا الاجتماعي، وذلك لما تحلوا به من أمانة وحسن معاملة، أما من أساء، فليس من الإنصاف أن يُلصق فعله بشعب كامل أو أمة بأسرها.

إن من يختزل تاريخ أمة في صورة نمطية، كمن يحكم على البحر من قطرة ماء؛ فالتاريخ أوسع، والقيم أعمق، والحقيقة أكبر من أن تُحاصر بكلمات غضب أو نزق، وكما قيل: «من تعلّم أن يشكر، ارتقى… ومن حفظ الودّ، سمت قامته فوق الضغائن».

نحن أبناء الخليج، عرفنا الشظف والجوع، ثم عرفنا النهوض بعرق الجبين وصدق العزيمة، حتى صارت أوطاننا اليوم عامرة بالبناء والحضارة، ولم ننسَ فضل من ساندنا في أوقات الحاجة، من أشقاء وأصدقاء من كل قطر عربي، حفظنا المعروف، وأكرمنا المخلص، وظل الوفاء عهدنا الذي لا نخونه.

أما الإساءة، فهي فعل فرد لا تمثل أمة، والوفاء لا يُقاس بحدة الألسنة، بل بصفاء القلوب، نكرم من عاش بيننا بخلق، ونصون الودّ لمن حفظ العشرة، لكننا أيضاً نحتفظ بحقنا في رد الكلمة بما هو أرفع وأكرم، دون أن ننحدر إلى درك الشتائم.

فليعلم من يحاول اختزالنا في صورة مشوّهة، أنه في الحقيقة يختزل نفسه، فالتاريخ يعرفنا بالوفاء، والأرض تشهد، والناس من حولنا أدرى بما عاشوا ورأوا، ولسنا في حاجة إلى شهادة حاقد أو ناقم؛ فالحقيقة لا تنطفئ برياح الكلمات، مهما اشتد هبوبها!

أترك لكم، أعزائي القراء والقراءات الكرام، التعليق؛ فليس بعد ما كتبه أبو زهير الغالي كلام!