

بقلم: سعيد بن عبدالله الزهراني
أصبح الكثير من أفراد المجتمع، لديهم هوس بوسائل "التواصل الاجتماعي" واللهاث وراء هذه الوسائل، وكأنها سوق العمل القادم.
في المجالس بعدما كنا نتبادل الأحاديث، ونستمع إلى العقلاء والحكماء، أصبحنا نستمع إلى سؤال يدل على عدم الوعي والإدراك.. كم عدد المتابعين عندك؟
هذا السؤال القصد منه كم لديك من المتابعين في (x - السناب - التيك توك) وكأنك تُقاس بعدد من يتابعك أو تتابعهم في تلك الوسائل، فلا قيمة لك بدون متابعين، فحضورك في المجلس أصبح حسب عدد المتابعين.
إن الاندفاع وراء وسائل "التواصل الاجتماعي" ومحاولة الحصول على الشهرة، بطرق ساذجة وغبية، يدل على أن هذا المجتمع أو ذاك يحاول لفت الأنظار إليه بشتى الطرق، ففي مجالس الضيوف نشاهد غالبية الحضور يقومون بتصوير الآخرين، وهم يأكلون ويشربون ويتبادلون الأحاديث، ويكيل بعض أصحاب تلك الوسائل المديح للآخرين، مع استخدام ألقاب تبجيلية من أجل تفعيل المحتوى، وإشعار من هم خارج المناسبة بأن صاحب هذه الوسيلة من الناس المهمين كون الدعوة وُجهت إليه لحضور المناسبة.
لقد تحولت وسائل التواصل من قبل البعض إلى أداة لإظهار الأشخاص بغير هويتهم الحقيقية، فالفلاتر لها دور في تحسين الصورة، والمديح الزائد الذي يعطي الأشخاص أكثر من مستوياتهم أو يقلل من مستوياتهم الحقيقية بشكل أو بآخر.
إن استمرار الناس على رغبتهم في الوصول إلى الشهرة من شأنه أن يحرم الأجيال القادمة من العمل الحر، كون بعضهم يشاهد "المشاهير" وغيرهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يعيشون الوهم والواقع المزيف، بعد انتشار ظاهرة الطائرات الخاصة والشركات بالملايين وإهداء السيارات الفخمة، وغالبيتها أكاذيب "مشاهير" بهدف تنفيذ سياسة "القطيع" لاستقطاب المزيد من المتابعين، لتحقيق الحصول على المزيد من الإعلانات التي تذهب إلى جيوب المشاهير فقط.
لقد وصل الحال ببعض المشاهير إلى التلاعب بمشاعر الآخرين من المحتاجين من خلال تقديم معونات وشرهات، لكنها لا تُقدم لهم بعد الحصول على المحتوى المناسب.
استمرارنا في السؤال عن عدد المتابعين يعتبر دعوة للتمرد على العمل الحقيقي والاتجاه إلى الشهرة التي لن تدر دخلاً في المستقبل، وترك سوق العمل لمن يدرك أهمية السوق، وهي دعوة لها تأثيراتها السلبية في المستقبل في ظل انتشار مثل هذه الأسئلة بين طبقات المجتمع كباراً وصغاراً.