

بقلم- أحمد صالح حلبي
حينما يكون الحديث عن مكة المكرمة تنجذب الأنظار قبل الأسماع صوب المتحدث لا لكونها قبلة المسلمين ومهبط الوحي وحدها، بل لكونها المدينة الجامعة لثقافات العالم وشعوبه، ففيها ترى القادم من أقصى شمال العالم وجنوبه.
وفي كتاب (مكة الماضي والحاضر) للأستاذ/ محمد سليم بخاري، والذي جاء في نحو مائة وسبعون صفحة نتوقف أمام معلومات جمعت بين قديم التاريخ وحديثه، والجغرافيا بسهولها ووديانها، والحياة الاجتماعية بجمالها الماضية ونعيمها الحالي.
وقبل أن نقلب صفحات الكتاب تظهر أسماء من شاركوا في كتابة فصوله من باحثين وأساتذة جامعات، منهم الأستاذ الدكتور معراج مرزا الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى، والأستاذ الزائر بجامعة هارفارد الأمريكية، والدكتور عبدالله شاوش، الأستاذ المساعد بجامعة أم القرى ـ يرحمه الله ـ، والدكتور رمزي الزهراني أستاذ الجغرافيا البشرية بجامعة أم القرى ـ سابقا ـ، والدكتور فوزا الدهاس استاد التاريخ بجامعة أم القرى ومدير عام مركز تاريخ مكة الكرمة التابع لدارة الملك عبد العزيز ـ سابقا ـ، ومحمود صباغ كاتب صحفي، والدكتور محمد ميلاد أستاذ علم النبات بجامعة أم القرى.
وجاء الكتاب موزعا على ثمانية أجزاء تناول كل جزء منه موضوعا، ففي البدء كانت التوطئة التي تناولت تعريفا موجزا بمكة المكرمة كمدينة مقدسة وصفها المؤرخون والرحالة كظاهرة اجتماعية مختلفة عن نظيراتها من مدن العالم، فهي ملتقى للمسلمين من شتى بقاع العالم، ومنها إلى المكانة التي تحدد الموقع، وتتحدث عن شبكة عظيمة من الطرق السريعة التي ربطت مكة المكرمة بمدن المملكة العربية السعودية مما ساهم في سرعة وسلامة وصول الحجاج والمعتمرين.
وعن المشاعر المقدسة يتحدث الكتاب مبينا مواقعها وماضيها، وما شهدته خلال العهد السعودي الزاهر من تطورات ساهمت في تمكين ضيوف الرحمن من أداء نسكهم بيسر وسهولة.
ولم تكن مواقيت الحج والعمرة بعيدة عن الكتاب فقد أوضح مواقعها وتحدث عن حدودها، كما تناول تضاريس مكة المكرمة وجيولوجيتها، وبين النباتات البرية بها، والنباتات الصالحة للغذاء واسمائها اللاتينية.
ولأن الكعبة المشرفة لها قدسيتها ومكانتها فقد اهتم الكتاب بالحديث عن بنائها وأعمال التجديد التي شهدتها، إضافة لكسوتها، وأركانها، وإنارتها، وميزاب الماء، وحجر إسماعيل.
ولم يغفل الكتاب المسجد الحرام وتوسعاتها، فأوردها متتالية بدأ من أول توسعة له في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وما تلاها من توسعات حتى وصل إلى التوسعات السعودية الثلاث، وتحدث عن تجديد جدار الكعبة من الخارج.
وفي رحلة تنقلنا بين صفحات الكتاب نتوقف أمام العديد من الإنجازات التي تحققت في عهد الدولة السعودية بالمشاعر المقدسة، فيبرز الكتاب الأعمال التطويرية في المشاعر المقدسة (عرفات ـ مزدلفة ـ منى)، ويتحدث عن تاريخ مكة، وأهل مكة، والثقافة والمجتمع في مكة، كما تناول مشاهد تاريخية في محيط مكة.