




بقلم- أ. عجاب الحنتوشي
نحن لا نعيش لننجح فقط، بل لنُحاط بمن يفرح لنجاحنا، بمن يساندنا إذا كبونا، بمن يذكرنا بخير في غيابنا، ويفتح لنا أبوابًا حين تُغلق كل النوافذ. هذه هي العلاقات الحقيقية: تربة خصبة تُنبت النجاح، وظلّ يرافق الروح حين تشتدّ حرارة الأيام، وجسر يمتد من قلبك إلى العالم، قبل أن يمتد من مشروعك إلى السوق، إنها المعنى الحقيقي للقيمة، والعمق الإنساني الذي لا يُقاس بالأرقام.
في كل تجربة تخوضها، سواء كانت شخصية أو مهنية، ستكتشف أن أكثر ما يصنع الفارق ليس كم تملك، بل كم تساوي في قلوب الناس، ليس ما أنجزت، بل ما خلفته من أثر، العلاقات الصادقة لا تُبنى على المصالح، بل تُزرع في تربة المواقف، وتُروى بالصدق، وتُثمر عند الحاجة، هي الرصيد الحقيقي الذي لا ينهار في الأزمات، ولا يتبخّر مع تغيّر الفصول.
وفي عالم التجارة، قد تبدأ بأرقام وخطط وتسويق، لكنك لن تتقدّم بثبات إلا إذا كنت محاطًا بعلاقات تمنحك الثقة، وتبني حولك شبكة من الاحترام، والوفاء، والسمعة الطيبة، كم من صفقة كُتبت لأنها بدأت باحترام، لا بمفاوضة، وكم من فرصة خُصصت لأن العلاقة كانت أصدق من العرض المالي، فالعلاقات هنا ليست وسيلة، بل بيئة تُزهر فيها النجاحات، وتُختبر فيها الأخلاق.
من أراد النجاح في العمل، فليبنِ علاقات تحفظه في الغياب، وتسنده في التعثّر، وتفرح له حين يصعد. ومن أراد البقاء في ذاكرة الناس، فليكن صادقًا في تعامله، حاضرًا في مواقفه، كريمًا في وقته ومشاعره، لأن الإنسان في النهاية ليس بما يملك، بل بما يترك خلفه من صدى في أرواح الآخرين.