الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣:٠٠ م-٢٣ يونيو-٢٠٢٥       12155

بقلم- منال أبو العلا

في منطقة تتقاطع فيها المصالح وتتصادم أحيانًا السياسات، لم يكن الطريق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية مفروشًا بالورود، ورغم سنوات من التوتر والتنافس الإقليمي، يبقى الأمل معقودًا على فتح صفحة جديدة، ترتكز على الحوار، وتُبنى على احترام سيادة الدول ومصالح شعوب المنطقة.

القلب الكبير.. سياسة حكيمة

السعودية، بقيادتها الرشيدة تحت راية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- اختارت، كما هي عادتها، طريق الحكمة والعقلانية، حتى في أحلك الظروف، فكما يُعرف عن المملكة أنها قلب العالمين العربي والإسلامي، فإن هذا القلب الكبير لا يعني فقط الكرم أو الإغاثة، بل يعني أيضًا رجاحة العقل وسعة الصدر، والتطلع إلى مستقبل مستقر وآمن للجميع.

فالسعودية لا تسعى لفرض نفوذها بالقوة، بل بالحوار والبناء، وتمد يدها دائمًا لكل من يرغب في التعايش المشترك والاحترام المتبادل.

من الخلاف إلى الحوار

رغم تلك التحديات، أثبتت المملكة أنها دولة كبيرة بتصرفاتها، عظيمة بحكمتها، فاختارت دائمًا أن تكون جزءًا من الحل، لا من المشكلة، ولهذا لم تتردد في فتح أبواب الحوار مع إيران، برعاية إقليمية ودولية، وتوجت تلك الجهود بإعادة العلاقات الدبلوماسية في مشهد يعكس نضجًا سياسيًا ورغبة مشتركة في إنهاء التوترات التاريخية.

بل وأكثر من ذلك، لم تتوانَ المملكة في أن تُبدي استعدادها للعب دور الوسيط بين إيران وبعض الأطراف الدولية في قضايا كبرى، بما في ذلك النزاعات الإقليمية التي تمس استقرار الشرق الأوسط بأكمله.

طي صفحة الماضي

المصالحة لا تعني النسيان، بل تعني تجاوز الألم بروح جديدة، والسعودية اليوم تمد يد السلام إلى إيران، لا من موقع الضعف، بل من موقع القوة، والثقة بالنفس، والرغبة الحقيقية في بناء شرق أوسط يسوده الاستقرار والتنمية.

كما تأمل المملكة أن تقابل طهران هذه الخطوات بإجراءات فعلية تعزز الثقة، وتُوقِف التدخل في شؤون الدول، وتُعيد الاعتبار لمبدأ حسن الجوار الذي يُشكّل حجر الزاوية لأي استقرار إقليمي دائم.

نحو المستقبل

في زمن تتغير فيه التحالفات، وتتشكل فيه خرائط جديدة للقوة والنفوذ، تظل المملكة صامدة، تسير بثبات على درب الرؤية الطموحة، لا لتكون قوة اقتصادية فقط، بل لتكون أيضًا جسرًا بين الشعوب، وصوتًا للسلام والحوار في عالم تتزايد فيه الأزمات.

ربما تكون المرحلة القادمة فرصة ذهبية، لا لتثبيت النفوذ، بل لترسيخ الاحترام المتبادل وبناء شراكات تقوم على المصالح المشتركة، لا الأيديولوجيا أو الصراعات.

"الآن تعلمنا الدرس.. الآن نحن جاهزون لبناء مستقبل مختلف."