

بقلم: عميد. د. نافل بن غازي النفيعي
تُعدّ الأسطورة نشاطًا فكريًّا وثقافيًّا متكاملًا مارسه الإنسان منذ القِدم، أما العلم بالأسطورة، فلم يتبلور إلا في العصور الحديثة، خاصةً عندما بدأ الإنسان بالبحث فيها بطريقة موضوعية. يقول عبدالمجيد حنون في كتابه “الموروث الأسطوري في الأدب العربي الحديث، والأدب العربي المعاصر” إن الأسطورة ما هي إلا نتاج معرفيٌّ لمجتمع بأسره، يسعى لتجسيد واقع معرفيٍّ باستخدام جميع المكونات الحضارية والفكرية والثقافية لدى جماعة من البشر.
فالنجاح دومًا ثمرةُ تخطيطٍ دقيق، ورؤيةٍ مستقبليةٍ واضحة، وأهدافٍ استراتيجية، تقوم عليها المؤسسات الوطنية في مجالات إدارة الأعمال، والخدمات العامة، وغيرها من القطاعات. والنجاح كلمةٌ سحرية يتوق إليها الأفراد، والدول، والحكومات، والمؤسسات العلمية والمالية؛ من أجل النهوض، والتقدم في الحياة، وتحقيق الأهداف المنشودة.
يقول الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي “جون ديوي”: “يجب على الدول أن تحرص على ضمّ الأشخاص النشيطين كي ينهضوا بها، وكذلك استقطاب الأقوياء النابهين للدفاع عنها.”
وقد حبا الله سبحانه وتعالى المملكة العربية السعودية بأن تكون مهبطًا للوحي، وقبلةً للإسلام والمسلمين، بوجود بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، مما جعلها مقصدًا للمسلمين من أنحاء العالم لأداء مناسك الحج والعمرة منذ قديم الزمان. واليوم، تُعدّ المملكة رائدةً عالميًّا في إدارة الحشود، إذ يؤدي الملايين مناسكهم بكل يسر وأمان.
وقد شهد موسم حج هذا العام 2025 نجاحًا أسطوريًّا وتميّزًا غير مسبوق، وأشاد الجميع – من مختلف دول العالم – بالجهود العظيمة التي بذلتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين حفظهما الله، ممثلةً في وزارة الداخلية، والجهات الحكومية والأمنية المختلفة التي تقدم خدماتها لضيوف الرحمن على مدار العام.
فقد كان التنظيم رائعًا ومتفردًا، من خلال الخطة الدقيقة التي نفذتها وزارة الداخلية بمشاركة الجهات ذات العلاقة، حيث أسهم التنظيم المروري المتقن في انسيابية الحركة رغم الكثافة البشرية العالية. كما كان لليقظة التي اتصف بها رجال الأمن دورٌ بارزٌ في تحقيق هذا النجاح الأسطوري، من خلال ضبط المتسللين ومخالفي أنظمة الحج، فضلًا عن مكافحة ظاهرة التسول، وكل ما يشوّه قدسية المكان والزمان.
وكما يقول الكاتب محمد ثابت: “ليس مثل المشقات والمتاعب مُربٍّ للأفراد والأمم، وكما أن ربان السفينة لا يتعلم الشجاعة إلا وسط الأعاصير، كذلك الإنسان لا يقوى خلقه، وتعظم ثقته بنفسه، وتزداد قوة احتماله إلا بمواجهة الشدائد.”
وهكذا كان حال جميع من شاركوا في خدمة ضيوف الرحمن، إذ أثبتوا أنهم على قدرٍ عالٍ من المسؤولية والكفاءة والاقتدار.
وقد حظي الحجاج بعناية فائقة من الناحية الصحية والخدمية، مع توفير جميع سبل الراحة، وتأمين الوجبات الغذائية الصحية طوال فترة الحج. وإنه لَشرفٌ كبيرٌ لنا أن نفخر ونباهي العالم بأننا نعيش في ظل قيادة حكيمة، محبة للخير، ورائدة في العمل الإنساني النبيل.
وقد أشادت المنظمات الدولية – وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة – بجهود المملكة العربية السعودية في مجالات العمل الإنساني والاجتماعي والصحي والتنموي، تجاه جميع دول العالم.
معلومات عن الكاتب: عميد. د. نافل بن غازي النفيعي - خبير استراتيجي وباحث اجتماعي

