

بقلم- عبدالله بن قمشع القحطاني
تثبت المملكة العربية السعودية في كل موسم حج أن إدارة الحشود ليست مجرد عمل تنظيمي، بل هي فن ومهارة لا يُتقنها إلا من يملك الخبرة، والعقيدة، والرؤية.
وفي موسم حج 1446هـ، جدّدت المملكة ريادتها في هذا المجال، من خلال تجربة ميدانية متقنة جمعت بين التكنولوجيا الحديثة، والتنسيق العالي بين القطاعات، والخبرة البشرية المدربة.
تعمل عشرات الجهات الحكومية والأمنية والصحية والتقنية بتناغم مذهل خلال موسم الحج، بدءًا من استقبال الحجاج في المنافذ، ومرورًا بنقلهم إلى المشاعر المقدسة، وحتى أداء المناسك وعودتهم إلى أوطانهم، هذه المنظومة لا تترك شيئًا للصدفة، بل تعتمد على خطط مدروسة، ومحاكاة مسبقة، وأنظمة ذكية للمراقبة والتحكم وإدارة الحشود.
وقد شهد موسم هذا العام إدخال تقنيات جديدة في تتبع الحشود عبر الذكاء الاصطناعي، واستخدام طائرات الدرون، وتطبيقات رقمية توفّر التوجيهات والخدمات بلغات متعددة، ما عزز من تجربة الحاج وسهّل تنقله وأداءه للمناسك بكل يُسر وسلامة.
لم تعد المملكة بحاجة لإثبات كفاءتها، فقد أصبحت مرجعًا عالميًا في إدارة الحشود، وشريكًا موثوقًا في مشروعات التنظيم الكبرى.
وأشادت دول العالم بالنموذج السعودي الذي يجمع بين الكفاءة والسرعة في الاستجابة، خاصة في التعامل مع التحديات الطارئة.
وتُدرك المملكة العربية السعودية أن خدمة ضيوف الرحمن شرفٌ لا يُضاهيه شرف، ولهذا تُسخّر كل طاقاتها البشرية والتقنية والمادية في سبيل تأدية هذه المهمة المقدسة على أكمل وجه، انطلاقًا من رؤية قيادتها الرشيدة، وتأكيدًا على مسؤوليتها الدينية والإنسانية تجاه العالم الإسلامي.
وفي عصر تتعاظم فيه التحديات اللوجستية، تظل المملكة العربية السعودية مدرسة في إدارة الحشود، ومثالاً يُحتذى به في تقديم أرقى مستويات الخدمة في أعقد الظروف، ومع كل موسم حج، تثبت أن النجاح في هذا المجال ليس مجرد تخطيط، بل هو فن أصيل لا يُتقنه إلا السعوديون.