

بقلم - شموخ نهار الحربي
حين يقترب شهر ذي الحجة، تهبُّ على القلوب نسائم من نوع خاص. ليست أيامًا عابرة ولا ليالٍ كسائر الليالي، بل هي عشرٌ مباركة أقسم الله بها في كتابه العزيز:
﴿وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: 1–2]،
وما أقسم الله بشيء إلا لعِظَمِ شأنه، ورفعة مكانته.
عظمة الأيام والليالي
ليالي العشر من ذي الحجة هي من أفضل ليالي العام، وأيامها من أحب الأيام إلى الله. قال النبي ﷺ:
“ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” – يعني أيام العشر –
قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.”
فهذه الليالي فرصة لا تُقدّر بثمن، تتجلّى فيها الرحمة والمغفرة والفضل، وتُكتب فيها الأجور أضعافًا مضاعفة.
أعمالٌ تُحيي الليالي
في هذه الليالي المباركة، يُستحب للمؤمن أن يجتهد في:
• الذكر والتكبير: فقد كان السلف يُكبّرون في الأسواق والمجالس، يُحيون القلوب بالتكبير، ومنه:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.”
• الصيام: وخاصّة صيام يوم عرفة، الذي قال فيه النبي ﷺ:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده.”
• القيام وقراءة القرآن: فقيام الليل في هذه الأيام يجمع بين فضل الوقت، وفضل العبادة، وفضل القرب من الله.
• الصدقة وصلة الأرحام والدعاء: وهي من أعظم القُرُبات، والقلوب فيها مُهيَّأة للقبول.
ليلة مزدلفة لا تُنسى
وفي هذه الليالي، يختصُّ الله يوم النحر (العيد) بيوم عظيم، يُعدّ أعظم أيام الدنيا، وفيه تُذبح الأضاحي، وتُقام الشعائر، وتُفرَح القلوب. كما أن فيها وقفة عرفات، وهي قمة الطهارة والتضرّع، فيها يُباهي الله بعباده الملائكة.
ختامٌ يتفتح له القلب
ليالي العشر من ذي الحجة ليست فقط فرصة للطاعة، بل هي أيام تربية للروح، ومراجعة للنفس، وتجديد للعهد مع الله. هي ليالٍ تذكّرنا بأن الدنيا مزرعة للآخرة، وأن لحظات الإخلاص والرجوع إلى الله قد تغيّر مجرى حياة كاملة.
فيا من ضيّع من عمره الكثير، لا تُفوّت هذه الليالي، فإن فيها من البركات ما لا يُحصى، ومن الفضل ما لا يُحد