الكاتب : النهار
التاريخ: ١٠:٤٦ ص-٢٨ مايو-٢٠٢٥       18920

بقلم- أحمد صالح حلبي 

تمثل خدمة حجاج بيت الله الحرام شرفا ومسؤولية عظيمة، لذلك رأينا  اهتمام خلفاء المسلمين والولاة بخدمة قاصدي البيت الحرام ، وكان أول من عمل على توفير الخدمات للحجاج بالطرق الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ أشرف بنفسه على تجهيز القوافل وتوفير المياه والمرافق الضرورية للحجاج، وهذا ما تمثل  في إنشاء عمر بن الخطاب للاستراحات والنزل في المدينة المنورة ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم.

ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وتزايد أعداد الحجاج، تزايدت مسؤولية خدمتهم والعناية بهم ، فاهتم الخلفاء العباسيون والأمويون، ومن جاء بعدهم بقوافل الحجاج وحرصوا على توفير الخدمات لهم  على طرق الحج، فأقيمت محطات للاستراحة تم تجهيزها  بالغذاء والماء. 

فيما أمر الخليفة العباسي أبو العباس السفاح بإقامة الأميال "أحجار المسافة" والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة المكرمة في عام 134هـ / 751م ، ليهتدي بها المسافرون. 

أما الخليفة أبو جعفر المنصور فقد عمل على إقامة الحصون وخزانات المياه على طول الطريق، فيما أمر الخليفة المهدي ببناء القصور في طريق مكة المكرمة، كما أمر الخليفة هارون الرشيد بحفر الآبار وإنشاء الحصون على طول الطريق،  وقد عين الخلفاء ولاة يشرفون على الطريق ويتعهدونه بالصيانة . 

وإن اهتم الخلفاء بطرق الحج فإنها لم تتجاوز السبع وهي: 

• طريق الحج الشامي 

• طريق الحج العراقي 

• طريق الحج العماني    

• طريق الحج المصري

• طريق الحج اليمني     

• طريق حج البحرين 

• طريق سبع الملاف وهو طريقٌ صحراويٌ تاريخي، كان يَسلُكه الحجاجُ والمسافرون القادمون من منطقة نجد وشرق السعودية إلى الحجاز

• طريق الحج البصري            

• درب زبيدة العراق من مدينة الكوفة في العراق مروراً بشمال الجزيرة العربية  ووسطها وصولاً إلى مكة المكرمة 

وكانت وسائل النقل المستخدمة لنقل الحجاج منحصرة في الجمال التي تتولى نقل الحجاج بين مدن الحج (جدة ــ مكة المكرمة ــ المدينة المنورة)، إضافة لرحلة المشاعر المقدسة (عرفات ــ مزدلفة ــ منى)، وكانت هناك هيئة تتولى تنظم أعمال الجمالة  مكونة من المخرجين والمقومين، ولكل منهم دوره إذ كان المخرجون يقدمون الحمولة للحاج ولهم بيوت من الحجاج يقومون بتوفير عفشها وراحلتها ويقتصر دورهم على العمل في مكة فقط بينما يقع على عاتق المقومين مسؤولية توفير الركائب التي تقل الحجاج داخل الأراضي المقدسة وخارجها، ويسافر المقومون مع الحجاج الى جدة و المدينة المنورة، وقد استمر العمل بهذا التنظيم  حتى تم إيقافه عام 1365 هجرية.

وإن كانت الجمال هي الوسيلة الأكثر استخداما لنقل الحجاج في الماضي، فقد كان يوضع فوقها ما يسمى بــ "الشقدف"، وهو عبارة عن حمالتين على جانبي الجمل تشبهان السرير إلى حد كبير، يخصص كل منهما لركوب شخص، وربما شخص ثالث على ظهر الجمل، وكانت الأجرة من مكة المكرمة إلى عرفات ذهابا وإيابا 7 ريالات للجمل ذي الشقدف، و6 ريالات للجمل حمولة رجل واحد. 

ولم تشهد عملية نقل الحجاج بالسيارات إلا بعد دخول الملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ الحجاز، فرغم أن أول سيارة وصلت إلى مكة المكرمة عام 1340هــ / 1921م، إلا أنه لم يسمح لها بنقل الحجاج إلى داخلها، إذ كانت السيارات الناقلة للحجاج من جدة إلى مكة المكرمة تقف في منطقة تعرف باسم (أم الجود)، والسبب كما يقال يعود إلى أن "دخول السيارة كان مرعباً للجمال، إذ كانت الإبل التي تحمل شقادف الحجاج تنفر بشدة من صوت السيارات وحركتها، وكأنها تقدم احتجاجها، الأمر الذي شكّل خطراً على حياة الحجاج، فاضطرت الحكومة إلى إصدار أمر يمنع السيارات من السير في شوارع مكة المكرمة تقديراً لهذه الحالة بسبب عدم اعتياد الإبل على السيارات في تلك المرحلة".