

بقلم- د. نجوى الكحلوت
كم داعبت هذه الكلمة مشاعرنا، وكم لامست بفيض عظمتها شغاف قلوبنا، وكم تاقت أرواحنا لنكون بين قوافل الحجيج... ضيوف الرحمن.
يا له من فضل! وأيُّ فضلٍ؟
إنه الحج... الركن الوحيد الذي يجمع عظمة الأركان، العبادة الوحيدة التي تطهّرك تطهيرًا كاملًا من أدران السنين وأوحال الذنوب. العبادة التي تأخذك إلى الموقف العظيم... إلى استشعار يوم المحشر بكل خشوعه ومهابته.
الحج... هو مدرسة الصبر، جسر العبور، وغربال الوصول!
هناك، على صعيد عرفات، حيث العَبَرات تسبق الكلمات، والابتهالات تخترق السحاب، تُؤخذ أفئدتنا إلى اليقين بموعود الله... ففي تلك اللحظات، تشد من أزر توبتك، وتلهم بصيرتك، وتجمع شتات نفسك على عتبات الإقبال على الله.
يا الله...!
الله جل في علاه يباهي بالحجيج ملائكته! يختصهم بهذا الفضل العظيم، في يومٍ هو يوم المباهاة والمغفرة والقبول. عرفة يوم الأمنيات والدعوات الصادقات، يوم نعرفه بعينه ونعلم يقينا نزول الله جل في علاه إلى السماء الدنيا! أيُّ خير، أي فضل، هذا الذي ينتظرنا؟ أي سعادة تلك التي نحظى بها؟
على صعيد عرفات، يحدث أكبر مؤتمر في العالم! تجتمع فيه كل الجنسيات، كل الألوان، كل الأعراق، كل المقامات والمهن والطوائف... يجمعهم دينٌ واحد، وموقفٌ واحد، وقلوبٌ ملأى بالرجاء والأمل.
إنه الحج... سجل الذكريات. فيه نعود إلى بدايات الدعوة، إلى مكة حين كانت سرًا ثم جهرًا... وفي كل نسك، نستشعر وجود الحبيب ﷺ، وكأنه بيننا، يوجهنا بلطفه، ويعلمنا مناسكنا بخُطاه الطاهرة.
الحج... ليس مجرد ركن، بل رحلة حياة، شعارها التغيير وجوهرها التجرد لله رب العالمين، فالحمد لله على نعمة الإسلام، ونعمة الشرائع والشعائر، والحمد لله على نعمة الحج. وامنن علينا يا الله برحماتك وتقبل من الحجيج حجهم، ومنا ومنهم صالح الأعمال.