الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٢ ابريل-٢٠٢٥       13970

بقلم: ريم فاطم المطيري

في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تحولات ثقافية غير مسبوقة، فتحت أبوابها للعالم، واستقبلت العالم على أرضها.
فعاليات، شركات، سياحة، ابتعاث، وتواصل عابر للحدود… كلها مؤشرات على انفتاح ثقافي مدروس، لم يكن الهدف منه الذوبان في الآخر، بل التفاعل الذكي معه المبني على احترام الذات  وتقبل الاختلاف والاعتزاز بالهوية.

وفي وسط هذا الحراك العالمي، تبرز مسؤولية  المواطن السعودي  بوصفه الطرف الأكثر تأثيرًا في هذا المشهد. فالصورة الذهنية لأي مجتمع لا تصنعها النخب وحدها، بل الأفراد، في تفاعلاتهم اليومية، في أسلوبهم، لغتهم، وحتى في طريقة اختلافهم مع الآخر.

من منظور  العلاقات العامة، الهوية الوطنية ليست حاجزًا أمام الانفتاح، بل هي ما يعطيك حضورًا مميزًا وسط الزحام الثقافي العالمي.
فالمواطن الذي يحمل قيمه بوعي واحترام، هو القادر على تمثيل بلده بأفضل صورة، دون أن يتصادم أو ينعزل، بل يستطيع أن يوازن بين الثوابت والمتغيرات.

الإسلام نفسه — الذي يشكل العمق القيمي والثقافي للمملكة — لم يكن يومًا ضد التعدد الثقافي أو الحوار، بل كان أول من أرسى قواعده  “وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”، والتعارف هنا يتطلب إدراك الذات قبل فهم الآخر.

بين الانبهار والانتقاء

ليس كل ما يأتينا من ثقافات العالم يناسبنا، وهنا يكمن دور المواطن الواعي، الذي لا يعيش في ردة فعل مستمرة، بل يمتلك “فلترًا ثقافيًا” ينتقي ما يعزز تطوره، ويرفض ما يتعارض مع قيمه دون تشنج أو تعصب.
هذا النضج هو ما نحتاجه في المرحلة القادمة، خصوصًا مع تزايد التفاعل الدولي، والحضور السعودي في محافل متعددة والإقبال السياحي على أراضي المملكة من مختلف بلدان العالم والدور الكبير والمؤثر لمنصات التواصل الاجتماعي.

السعودي… صوت بلده

المواطن اليوم، سواء كان موظفًا في سفارة، مبتعثًا في الخارج، أو حتى ناشطًا على منصات التواصل، أو حتى مواطنا بسيطا يعمل بائعا في أحد المراكز التجاريةيمثل بلده بالصوت والصورة.
كل تغريدة، كل لقاء، كل موقف، هو فرصة لبناء أو هدم صورة ذهنية عن وطنه.
ومن واجبنا كمختصين في العلاقات العامة أن نُعزز هذا الوعي، ونُنمّي مفهوم “السفير الثقافي”، ليس كمنصب، بل كموقف وسلوك يومي.
الانفتاح ليس تهديدًا للهوية، بل فرصة لاختبار قوتها.
والمواطن السعودي، حين يجمع بين الأصالة والإرث الثقافي الذي يعتز به ويظهر هذا الاعتزاز والانفتاح، بين الاحترام والتمسك، يصنع نموذجًا فريدًا في التعايش، يليق بتاريخ المملكة العربية السعودية ومكانتها العالمية اليوم.