

بقلم - إبتسام حمدان
التنافس هو وقود النجاح، وهو المحرك الأساسي للإبداع والتطوير داخل أي مؤسسة. فعندما يكون التنافس نظيفًا، يولّد أفكارًا جديدة، ويحفّز الأفراد على تقديم أفضل ما لديهم، مما يعود بالنفع على المؤسسة ككل. ولكن حين يتلوث التنافس بالمكايدة والخداع، فإنه يتحول إلى معول هدم يهدد استقرار بيئة العمل ويؤثر سلبًا على الإنتاجية والعلاقات بين الموظفين.
التنافس البناء vs التنافس الهدّام
التنافس البناء يقوم على أساس الشفافية والاحترام المتبادل بين الموظفين، حيث يسعى كل فرد إلى تحسين مهاراته وتقديم إسهامات إبداعية تعود بالنفع على المؤسسة. أما التنافس الهدّام، فيعتمد على الأساليب الملتوية، مثل تشويه سمعة الآخرين، وسرقة أفكارهم، ومحاولات إقصائهم من المشهد بأي وسيلة.
المشكلة الكبرى تحدث عندما تنجح هذه الأساليب في خداع الإدارة، فيحصل الشخص المخادع على التقدير الذي لا يستحقه، بينما يُظلم الموظف المتميز ويتم إقصاؤه أو تهميشه، مما يؤدي إلى شعور بالإحباط داخل بيئة العمل، ويؤثر سلبًا على روح الفريق.
نتائج التنافس غير النظيف
عندما تصبح بيئة العمل ساحة للصراعات غير النزيهة، فإن ذلك يترتب عليه عدة نتائج سلبية، منها:
1. تراجع الإبداع: عندما يشعر الموظفون أن أفكارهم قد تُسرق أو يُنسب نجاحهم إلى غيرهم، فإنهم يفقدون الحافز للإبداع والتطوير.
2. انتشار بيئة سلبية: الخداع والمكايدة يولّدان جوًا من عدم الثقة والتوتر بين الموظفين، مما يضر بعلاقاتهم ويؤثر على التعاون بينهم.
3. فقدان الكفاءات: الموظفون الأكفاء الذين يشعرون بعدم التقدير قد يلجؤون إلى البحث عن بيئة عمل أكثر عدالة، مما يؤدي إلى خسارة المؤسسة لمواهبها.
4. انخفاض الإنتاجية: حين يُكافأ الشخص الخطأ، فإن ذلك يؤدي إلى ترسيخ ثقافة الكسل والاحتيال بدلًا من العمل الجاد والإبداع الحقيقي.
كيف نحافظ على التنافس النظيف؟
لضمان بيئة تنافسية صحية، يجب على المؤسسات تبنّي سياسات واضحة تعزز العدالة وتحمي حقوق الموظفين، مثل:
• وضع معايير واضحة للتقييم: يجب أن تكون التقييمات مبنية على الأداء الفعلي، وليس على الأحاديث أو الادعاءات.
• تعزيز ثقافة الاعتراف بالمجهود الفردي: تشجيع الموظفين على تقديم أفكارهم بشكل موثق، وضمان حصولهم على التقدير المستحق.
• إنشاء قنوات تواصل شفافة: يجب أن يكون هناك حوار مفتوح بين الإدارة والموظفين لمنع انتشار الإشاعات والأكاذيب.
• فرض عقوبات على السلوكيات غير الأخلاقية: يجب التعامل بحزم مع أي محاولة لسرقة الجهود أو تشويه السمعة، حتى لا تصبح هذه السلوكيات هي القاعدة.
الخاتمة
التنافس في بيئة العمل يمكن أن يكون قوة إيجابية تدفع الأفراد للإبداع وتحقيق النجاح، لكنه يمكن أن يتحول إلى أداة تدمير إذا لم يكن قائمًا على أسس نزيهة. لذا، من مسؤولية كل مؤسسة أن تضمن أن التنافس داخلها يعزز الأداء والابتكار، وليس الصراعات والمكائد، حتى تحقق النجاح المستدام وتضمن بيئة عمل صحية ومثمرة.

