

بقلم: د. نجوى الكحلوت
قال القصيبي في الجسر الذي يربط المملكة بدولة البحرين: "ضَرْبٌ مِنَ الْعِشْقِ... لَا دَرْبٌ مِنَ الْحَجَرِ
هَذَا الَّذِي طَارَ بِالْوَاحَاتِ لِلْجُزُرِ.
وبعد تجربني الأولى لمترو الرياض أقول:
ضَرْبٌ مِنَ الْفَنِّ وَالْإِبْدَاعِ وَالْخَلْقِ
لَا دَرْبٌ مِنَ التَّعْدِينِ وَالتَّطْوِيرِ فِي أَلَقِ
مشروع مترو الرياض ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو تحفة معمارية وهندسية تعكس طموح المملكة العربية السعودية في تحقيق رؤية 2030، هذا المشروع العملاق، الذي يُعد أحد أكبر مشاريع النقل الحضاري في العالم، يُبرز جمال التصميم المبتكر ودمج التقنية الحديثة مع الثقافة المحلية.
إنه إبداعٌ معماريٌّ مستوحى من الهوية السعودية، حيث تتميز محطات مترو الرياض بتصاميمها الهندسية الفريدة، التي تمزج بين الحداثة والعراقة.
استُلهمت تصاميم المحطات من الطراز العربي التقليدي، حيث تظهر الزخارف الهندسية والأشكال المستوحاة من الطبيعة الصحراوية، فكل محطة تُظهر شخصية مميزة تتماشى مع البيئة المحيطة بها، مما يجعل تجربة التنقل عبر المترو أشبه بجولة سياحية فنية تداعب إحساسنا بمعمق تفاصيلها.
فبعض المحطات استخدمت تصاميم مستوحاة من الكثبان الرملية، مع إضاءة طبيعية تعكس الشمس في بيئة متناغمة، أما المواد المستخدمة فهي مستدامة وصديقة للبيئة، مما يبرز اهتمام المشروع بجوانب الاستدامة.
شاهدتُ تقنيات حديثة وتجربة راقية، لم يقتصر إبداع المترو على الجمال المعماري، بل تعداه إلى توفير تجربة نقل ذكية وحديثة. يضم مترو الرياض 6 خطوط رئيسة تغطي أكثر من 176 كيلومترًا، ويستخدم أحدث التقنيات في التحكم والسلامة.
دعوني أحدثكم عن تفاصيل دقيقة داخل المترو:
عربات مُصممة لتوفير الراحة القصوى، مع تقسيمها إلى فئات تناسب جميع الركاب (العائلات، الأفراد، الدرجة الأولى).
شاشات إلكترونية متطورة توفر معلومات مباشرة عن الرحلات، بالإضافة إلى التنبيهات الصوتية المستمرة خلال الرحلات.
عناية فائقة بالنظافة ومنع الطعام والشراب داخل المقصورات المترو، إضافة التهوية والتكييف.
أما عن المحطات فهي مكيفة بالكامل مع مراعاة الظروف المناخية للمدينة، وتقدم إرشادات وبيانات دقيقة مع خريطة كاملة لمدينة الرياض، وتحظى بتنظيم مميز من قبل فئة الشباب الطموح.
ويظهر الجمال في التناغم بين البنية التحتية والبيئة، فأبرز الجوانب الإبداعية في تصميم مترو الرياض هي الطريقة التي يتناغم فيها المشروع مع البيئة الطبيعية للمدينة باستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل بعض أجزاء المترو يعكس التزام المملكة بالمحافظة على البيئة.
كما تم تصميم المساحات الخضراء المحيطة بالمحطات لتعزيز الجمال البيئي وتحسين جودة الحياة في المدينة.
فلا عجب أن يكون المترو رمزا للتقدم والانفتاح فهو ليس مجرد وسيلة مواصلات، بل هو رمز للتحول الحضري الذي تشهده العاصمة. إنه يعكس رؤية المملكة في توفير بنية تحتية متطورة تجعل التنقل أكثر سهولة وسلاسة لسكانها وزوارها. كما يعزز المترو من مكانة الرياض كمدينة عالمية تجمع بين الحداثة والابتكار.
وختام القول:
يُعد مترو الرياض علامة فارقة في تصميم وسائل النقل العالمية، فهو يجمع بين الجمال، الإبداع، والوظيفية.
إنه ليس فقط مشروعًا هندسيًا مذهلاً، بل هو تجربة تُظهر كيف يمكن للإنسان أن يُبدع عندما يجمع بين التراث والحداثة، هذا المشروع يجعل من التنقل اليومي تجربة استثنائية ويُبرز ملامح مستقبل مشرق للمملكة.

