

بقلم: د. غالب محمد طه
عندما نتحدث عن المستقبل، غالبًا ما يكون التركيز على الاقتصاد ودوره في الاستدامة، والمتأمل في الاقتصاد السعودي يشهد تلك القفزات الملهمة التي تسعى بكل قوة لتنويع مصادر دخله. وقد جاء منتدى حفر الباطن للاستثمار 2025 ليحمل بين طياته وعدًا جديدًا للاقتصاد السعودي.
لم يكن المنتدى مجرد حدث عابر، بل كان فرصة حقيقية لفتح أبواب جديدة لفرص استثمارية ضخمة قد تغير وجه المنطقة بالكامل، فتحت رعاية أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، تم التأكيد على دور حفر الباطن كأحد أبرز الوجهات الاستثمارية في المملكة، وهو ما يعكس التوجه نحو تنمية مستدامة بعيدًا عن الاعتماد على النفط لتعزيز قوة الاقتصاد الوطني.
جاء المنتدى ليجيب على أسئلة ملحة ومهمة: كيف يمكننا استغلال هذه الفرص؟ وكيف يمكن لحفر الباطن أن تكون نقطة انطلاق لاقتصاد سعودي أكثر تنوعًا؟ هذه الأسئلة وأكثر كانت حاضرة في هذا الحدث الذي يعكس طموحات المملكة في تحقيق رؤية 2030. تجمع فيه عدد من المسؤولين والمستثمرين ليتحدثوا عن الفرص التي قد لا نراها عادة في أماكن أخرى.
يبدو أن منتدى حفر الباطن قد نجح في إعادة تشكيل الصورة الاقتصادية للمحافظة بشكل يواكب التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة.
فالموقع الاستراتيجي لحفر الباطن لم يعد مجرد نقطة جغرافية مهمة، بل أصبح منصة للانطلاق نحو تغييرات جذرية تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. النقاشات التي دارت في المنتدى كانت بمثابة استعراض شامل للمزايا التي يمكن أن تقدمها المحافظة للمستثمرين، حيث تم التوصل إلى اتفاقيات استثمارية ضخمة تجاوزت قيمتها 47 مليار ريال.
وهو ما يعكس تحولًا ملموسًا نحو بيئة استثمارية حيوية من المتوقع أن تخلق أكثر من 60 ألف فرصة عمل، وهو ما يعد نقطة تحول حقيقية في دفع عجلة الاقتصاد.
لكن ما لفت الانتباه بشكل خاص هو تأكيد الأمير سعود بن نايف على أن حفر الباطن تمتلك مزايا استثمارية استراتيجية تجعلها بمثابة الوجهة المثالية للمستثمرين. فمن خلال التركيز على الاستفادة من الموقع الجغرافي الفريد، وضرورة تعزيز البنية التحتية، تسعى المملكة إلى أن تكون المحافظة نقطة جذب لاستثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة.
وهذا التوجه لا يعكس فقط استراتيجية المملكة في توسيع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، بل ينسجم أيضًا مع رؤية 2030 التي تركز على التنوع الاقتصادي باعتباره أولوية وطنية.
إذن، ما يمكن استنتاجه من المنتدى هو أن حفر الباطن لا تعد مجرد نقطة استراتيجية على الخريطة، بل هي الآن عنصر أساسي في توجه المملكة نحو اقتصاد متعدد المصادر، مما يجعلها واحدة من أبرز وجهات الاستثمارات المستقبلية في المنطقة.
ما يثير الاهتمام أيضًا هو حجم المشاريع المعلن عنها، ومنها مشروع إنشاء أكبر مدينة للثروة الحيوانية في الشرق الأوسط باستثمار ضخم بلغ 9 مليارات ريال. المشروع، الذي يمتد على 11 مليون متر مربع، سيعزز الاكتفاء الذاتي للمملكة من اللحوم الحمراء ويخلق أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمواطنين في المنطقة.
هذه المشاريع تضع حفر الباطن في قلب التحولات الاقتصادية الكبرى.
مثال آخر يعكس تأثير المنتدى على المجتمع المحلي هو المبادرات التي ترتكز على تطوير قطاعات غير تقليدية.
فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن توفر مشاريع القطاع اللوجستي فرصًا كبيرة للمواطنين المحليين في مجالات مثل النقل وإدارة الموانئ، مما يعزز قدراتهم الاقتصادية ويسهم في تحسين مستوى معيشتهم. علاوة على ذلك، تشهد المنطقة موجة من تطوير قطاع الرعاية الصحية، التي ستوفر مزيدًا من الفرص لتدريب الكوادر الطبية ورفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة.
كما تم التأكيد في المنتدى على أن القطاع الخاص سيكون المحرك الرئيسي لهذا التحول. ولكن لضمان تحقيق ذلك، لا بد من تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتوفير الحوافز التي تشجع على الاستثمار في القطاعات غير التقليدية مثل الزراعة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية.
منتدى حفر الباطن للاستثمار 2025 لم يكن مجرد لقاء اقتصادي عابر، بل هو بداية لمرحلة اقتصادية جديدة.
إذا تم استغلال الإمكانات المتاحة بشكل أمثل، فقد تصبح حفر الباطن نموذجًا للاقتصاد المتنوع والمستدام الذي تسعى المملكة لتحقيقه.
ما يميز هذا المنتدى هو أنه سلط الضوء على فرص استثمارية غير محدودة، ومع المشاريع التي تم الإعلان عنها والاستثمارات التي تم توقيعها، يبدو أن حفر الباطن ستظل نقطة انطلاق رئيسية لتحقيق رؤية 2030، ولتصبح حقًا نموذجًا في الاستثمار الذي يصنع المستقبل.
نجحت الغرفة التجارية في حفر الباطن، بدعم من اتحاد الغرف السعودية، في التأكد أن المدن السعودية قادرة على ضخ المزيد من الحيوية في شرايين الاقتصاد السعودي.. وبالله التوفيق.