الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٦:٤٢ م-٠٢ يناير-٢٠٢٥       18975

بقلم:  د. جمالات عبد الرحيم
يعتبر الفساد الإداري من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات في مختلف دول العالم، حيث يؤثر بشكل سلبي على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. يتجلى الفساد الإداري في عدة أشكال، مثل الرشوة، والمحسوبية، وسوء استخدام السلطة، وهو ما يؤدي إلى تفشي الظلم وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
يؤثر الفساد الإداري بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، حينما يتم توظيف الموارد المالية بشكل غير صحيح أو يتم إهدارها، فإن ذلك يؤدي إلى ضعف في التنمية الاقتصادية. كما أن الفساد يساهم في نفور المستثمرين، حيث يبحثون عن بيئات استثمارية تتمتع بالنزاهة والشفافية. وبذلك، يزداد معدل البطالة وتقل فرص العمل، مما ينعكس سلباً على مستوى معيشة الأفراد.
يؤدي الفساد إلى تفشي الفقر والحرمان في المجتمعات. عندما تُهدر الموارد العامة، يفقد المواطنون الثقة في المؤسسات الحكومية، مما يؤدي إلى انعدام الاستقرار الاجتماعي. تتزايد ظواهر الجريمة والعنف بسبب الإحباط المتزايد من عدم قدرة الأفراد على تحقيق احتياجاتهم الأساسية. كما يؤدي الفساد إلى تعزيز الفجوة الاجتماعية وزيادة التوتر بين الفئات المختلفة، مما يؤثر على التماسك الاجتماعي.
يعتبر الفساد الإداري من أهم العوامل التي تساهم في ضعف الأنظمة السياسية. فحينما تفقد المؤسسات الحكومية مصداقيتها بسبب الفساد، تصبح الثقة فيها معدومة لدى المواطنين. وبالتالي، يُعزز الفساد من ظواهر الفوضى والنزاعات السياسية، ويؤدي إلى عدم الاستقرار الحكومي. كما أن الفساد قد يؤدي إلى احتكار السلطة من قبل قلة من الأشخاص، مما يُعطل الديمقراطية ويقيد الحريات.
يشجع الفساد الإداري على تدهور القيم الأخلاقية في المجتمع. عندما يعتاد الأفراد على ممارسة الرشوة أو المحسوبية كجزء من حياتهم اليومية، فإن ذلك يساهم في تشكيل ثقافة من التهاون والانحلال الأخلاقي. التعليم يتأثر أيضاً، حيث قد يتم إفساد المنظومة التعليمية حال تم توظيف معايير غير عادلة في اختيار الكوادر التعليمية، مما يؤثر على جودة التعليم.
بناءً على ما تطرقنا إليه، نجد أن الفساد الإداري له تأثيرات عميقة ومتشعبة على المجتمع. فهو لا يقتصر فقط على الاقتصاد، بل يمتد إلى جميع جوانب الحياة. لذا، من الضروري أن تعمل الحكومات والمجتمعات على تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد من خلال تطبيق القوانين، وتعزيز ثقافة النزاهة، وتفعيل دور  المجتمع  المدني في الرقابة على الأداء، من خلال هذه الجهود، يمكن تقليص الفساد الإداري وبناء مجتمع أكثر عدلاً وتقدمًا.