الكاتب : النهار
التاريخ: ١٢:٥٥ م-٠٧ ديسمبر-٢٠٢٤       13860

بقلم - د. غالب محمد طه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم."
هذه الكلمات النبوية العظيمة تُظهر لنا عظمة هداية شخص واحد إلى الإسلام، وما تحمله من خير وبركة لا تُقاس. إنها كلمات تملأ القلب إيمانًا وتفتح أمامنا بابًا واسعًا من الأمل والدعوة إلى الله تعالى.

فأي بشارة أعظم من هذه؟ وأي رسالة أشرف من أن يكون الإنسان سببًا في هداية الآخرين إلى نور الإسلام؟
إنها دعوة خالدة تحمل بين طياتها الأمل والمثابرة، وتحث المسلم على أن يكون جزءًا من هذا المشروع الإلهي العظيم. دعوة تحمل نبضًا حيًا نحو طريق الحق والهداية، وتجعلنا شركاء في إيصال رسالة الإسلام السامية إلى العالم أجمع.

وأي تحفيز أكبر من هذه الكلمات الموشاة بالذهب؟ أي دافع أقوى من هذا النداء الذي يسكنه الحب و يحفزنا على السعي لنصر دين الله والعمل على الهداية والتمسك بها؟
إن هذه الكلمات تجعلنا نشعر بعظم المهمة التي نحملها في حياتنا اليومية، ألا وهي أن نكون أدوات في يد الله لإيصال النور إلى قلوب الآخرين.

حملت الأنباء خبرًا يستحق أن نتوقف عنده طويلًا، وأن نُعظم من شأنه، وأن نحتفل به معًا، دبجته بالفخر جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحفر الباطن نبأً يفيض فرحًا وفخرًا، حيث أعلنت أن المدينة شهدت  إسلام 872  شخصًا منذ بداية عام 2024،بمعدل ثلاثة أشخاص يوميًا، تُضاء قلوب جديدة بنور الإسلام، في مشهد يعكس قوة العمل الدعوي وإمكاناته في تغيير حياة الأفراد.

بالله عليكم ألا يستحق الخبر أن نتوقف عنده كثيرا؟

ألا يستحق أن نحتفي به ونكبر ونستحضر أحد أحد التي كان يرددها  سيدنا بلال قبل ألف وأربعمائة وست وأربعون من الأعوام، وهو يؤكد ربوبية الله ووحدانيته ضد الظلم والقهر والشرك؟

ألا يستحق الخبر أن نفرد له مساحات نرفع بها هاماتنا نحو السماء ونهمس لحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم أن هناك من ترك الدنيا واصبح يلهث خلف حمر النعم؟

صبرًا سيدي القارئ، فالخبر يحمل مفاجآت أكبر في تفاصيله، وأرقام تكشف عن قصة تلامس القلب وتروي رحلة النور والهداية. فمن بين هؤلاء الـ872، اختار 582 شخصًا الإسلام عبر الدعوة الإلكترونية، بينما اهتدى 290 آخرون من خلال الدعوة الميدانية.
هذا التوازن بين استخدام التقنية الحديثة واللقاءات المباشرة يُظهر بوضوح كيف نجحت الجمعية في دمج الأصالة مع الابتكار.

لكل شخص من هؤلاء الـ 872 مسار طويل من البحث والتساؤل قاده إلى النطق بالشهادتين. لحظة يقول فيها: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله." هذه الكلمات البسيطة تحمل في عمقها أعظم المعاني، لحظة يغمر فيها القلب بالنور بعد سنوات من الظلام.

لا يكتفي هؤلاء الأفراد بتغيير أنفسهم، بل يتحولون إلى سفراء للإسلام في مجتمعاتهم، ناشرين القيم النبيلة التي تعلموها.
إن العمل الدعوي لا يتوقف عند الجمعيات فحسب، بل هو رسالة سامية يتبناها كل مسلم في حياته اليومية.

من الواجب أن نُشيد بما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية من جهود متميزة في تعزيز العمل الدعوي على مستوى المملكة.
الوزارة، بما تحمله من رؤية ودعم مستمر، تمثل قوة دافعة خلف نجاحات كبيرة في نشر رسالة الإسلام.

كما لا يمكننا أن نغفل الدور الاستثنائي لجمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحفر الباطن، التي أصبحت نموذجًا حيًا للعمل الدعوي الفعال والمستدام. بفضل جهود الجمعية الحثيثة، ودعم وزارة الشؤون الإسلامية، استطاعت أن ترسم ملامح نجاح استثنائي، حيث أضاءت 872 قلبًا بنور الإسلام في فترة زمنية قصيرة.

هذه الجهود تضيء الطريق وتُلهمنا جميعًا لنكون جزءًا من هذه الحركة النبيلة، و لنغتنم كل فرصة للمساهمة في نشر النور، كل حسب قدرته. لنكون جزءًا من القصص الإنسانية التي تكتبها يد الله سبحانه وتعالى.

أحدٌ أحد، كانت نبضات بلال التي سطرت تاريخًا من الثبات على الحق، وتظل تتردد في قلوب المسلمين الجدد الذين وجدوا في الإسلام ضالتهم. 872 قصة جديدة تُكتب في حفر الباطن، ولكن القصة الكبرى هي رسالتنا جميعًا.

كن أنت اليد التي تُسهم في هذا النور؛ كلمة واحدة، ابتسامة صادقة، أو دعوة مخلصة قد تكون طريقًا لإنقاذ حياة كاملة من الظلام إلى النور.