

بقلم | إبراهيم عبد الرحمنوف،
وزير الزراعة
جمهورية أوزبكستان
اليوم، لا تسعى بلدان آسيا الوسطى فحسب، بل والمجتمع العالمي بأسره، إلى إيجاد حلول للتغلب على التهديدات المناخية. وتشمل هذه المشاكل ارتفاع تركيز الغازات المسببة للانحباس الحراري في الغلاف الجوي، وارتفاع درجات حرارة سطح الأرض، ونقص الموارد المائية، وتواتر الكوارث الطبيعية، وتكثيف عمليات التصحر، وغير ذلك الكثير.
يعتقد الخبراء أن تغير المناخ لا يساهم فقط في ظهور أنواع جديدة من الكوارث الطبيعية، بل يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تضخيم الإمكانات التدميرية للكوارث القائمة إلى مستوى يصبح فيه السيطرة مستحيلة.
وتزعم المنظمات الدولية والمجتمعات العلمية أن تغير المناخ يؤدي إلى ظهور مشاكل اجتماعية واقتصادية بمقاييس متفاوتة في العديد من المناطق في جميع أنحاء العالم. ووفقا للبنك الدولي، فإن تغير المناخ قد يؤدي إلى هجرة داخلية كبيرة، حيث سيضطر 216 مليون شخص في ست مناطق عالمية إلى ترك منازلهم والانتقال إلى أماكن أخرى بحلول عام 2050. وحقيقة أن آسيا الوسطى من بين هذه المناطق، حيث قد يواجه أكثر من 5 ملايين من السكان ضرورة الانتقال، تؤكد على الأهمية الخاصة لهذه القضية بالنسبة لدول المنطقة.
وفي هذا السياق، صدرت سلسلة من المراسيم والقرارات الصادرة عن رئيس جمهورية أوزبكستان، بهدف التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ ومعالجة القضايا القائمة. وعلى وجه الخصوص، لمنع نقص المياه، وملوحة التربة، والتدهور الناجم عن الزيادة السنوية في متوسط درجات حرارة الهواء في المنطقة، وتكييف الزراعة مع تغير المناخ، والحد من آثاره السلبية على المناخ، تمت الموافقة على القرار الرئاسي بشأن "تدابير إنشاء نظم بيئية زراعية قادرة على التكيف مع المناخ وزيادة قدرة المنتجين الزراعيين على الصمود في مواجهة المخاطر المرتبطة بالمناخ". وقد أصبحت هذه الوثيقة الأساس لاعتماد البرنامج الوطني لتكيف القطاع الزراعي مع تغير المناخ. ويتصور البرنامج إنشاء نظام بيئي زراعي قادر على الصمود وزيادة قدرة المنتجين الزراعيين على التكيف مع تحديات المناخ.
وتشمل المجالات ذات الأولوية التي تم تحديدها في إطار البرنامج الوطني ما يلي:
• التنظيم الفعال للإجراءات المتخذة في المناطق المتأثرة بالتغيرات المناخية.
• تنفيذ الأنشطة في إطار مشاريع المنح الدولية في الزراعة، بما يتناسب مع التكيف مع تغير المناخ.
• الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية وتحسين التقنيات الزراعية لزراعة المحاصيل.
• تطوير التدابير اللازمة للتكيف الزراعي مع الظروف المناخية المتغيرة.
• الاستخدام الفعال للمراعي وحمايتها.
كما يتضمن القرار إجراءات لتكييف القطاع الزراعي مع تغير المناخ، فضلاً عن تقديم الدعم والحوافز للمنتجين الزراعيين في إطار برنامج "توسيع الممارسات الزراعية المتكيفة مع المناخ في أوزبكستان وتخفيف تأثير القطاع الزراعي على المناخ"، بالتعاون مع صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة، بمبلغ 200 مليون دولار. علاوة على ذلك، من المقرر تخصيص أموال المنح من الاتحاد الأوروبي، ومرفق البيئة العالمي، والجمعية الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، ومنظمات دولية أخرى مثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمشاريع تتعلق بتغير المناخ في منطقة بحر الآرال والزراعة في البلاد.
ومن الجدير بالذكر أيضًا أن العلماء من مركز الجينوميات والمعلوماتية الحيوية التابع لأكاديمية العلوم في جمهورية أوزبكستان يجرون أبحاثًا فعالة بشأن إنشاء أصناف محلية مقاومة للآثار السلبية لتغير المناخ - الجفاف والملوحة - من خلال تطبيق تقنيات إخراج الجينات والعلامات في التربية.
وعلى وجه الخصوص، تم إنشاء أصناف القطن المقاومة للجفاف والملح والبرد، ماتونات-1 وماتونات-2، على أساس الجينات القديمة، لتناسب الظروف المناخية للتربة في جمهورية قره اكالباقستان. وفي حين أن الخطة في عام 2025 تقضي بحصاد 4.5 طن من البذور من هذه الأصناف وزرعها على مساحة 200 هكتار، فمن المخطط في عام 2026 جمع 90 طنًا من البذور وزرع 4000 هكتار.
كما تم تطوير صنف بيوتكنولوجي "باركامول" من القمح الطري المحلي "تريتيكوم استيفوم ل" المقاوم للجفاف والملوحة، ومن المقرر العام المقبل حصاد 4 أطنان من البذور وزراعتها على مساحة 20 هكتارا.
علاوة على ذلك، لمكافحة تغير المناخ العالمي والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تحلل المحاصيل الزراعية، وخاصة بقايا القطن (السيقان والجذور)، يتم إجراء اختبارات على سلالات الجيل الجديد من الجينات المعطلة. هذه السلالات قادرة على تجميع بوليمرات السوبرين القابلة للتحلل ببطء في جذورها وسيقانها، وبالتالي تعزيز "الخضرة" للمحاصيل الزراعية في أوزبكستان.
علاوة على ذلك، من الضروري تحسين الوضع البيئي في البلاد بشكل جذري، وتنظيم العمل المنهجي لمكافحة العواصف الغبارية، وحماية البيئة واستعادتها، والحد من مخاطر حدوثها من خلال التشجير، والتخفيف من العواقب السلبية لهذه الظواهر. كما ينبغي تطوير نظام للإنذار المبكر بشأن العواصف الغبارية. وفي هذا الصدد، فإن تنفيذ القرار الرئاسي لجمهورية أوزبكستان بشأن "التدابير الفورية لمكافحة العواصف الغبارية وتحسين جودة الهواء" له أهمية كبيرة.
وفي هذا الإطار، يتم العمل على إقامة التعاون مع الدول المتقدمة في الخارج لمكافحة العواصف الغبارية والتخفيف من آثارها، كما يتم تطوير الأسس العلمية للاستخدام الرشيد للمراعي، واستنباط أصناف نباتية محلية للمراعي، ووضع المبادئ العلمية لزراعة محاصيل المراعي والأنظمة التكيفية لإنتاج الأعلاف المكثفة في ظروف الصحراء. كما يتم العمل على تحديد مناطق المراعي المتدهورة، وإجراء الدراسات الجيولوجية النباتية والتربة واستصلاح الأراضي، فضلاً عن إنشاء خرائط إلكترونية لها. وفي هذا الإطار، يتم تنفيذ سلسلة من التدابير العملية الرامية إلى زيادة المساحات الخضراء، بما في ذلك إنشاء بساتين وكروم مكثفة جديدة لتحل محل الحدائق وكروم العنب غير المربحة والقديمة ونادراً ما يتم استغلالها في المناطق.
كما هو مبين في القرار، تم وضع البرنامج الوطني لمكافحة العواصف الغبارية والتخفيف من عواقبها في جمهورية أوزبكستان للفترة 2024-2030، وكذلك "برنامج التدابير التي سيتم تنفيذها في الفترة 2024-2030 للحد من التأثير السلبي للرياح الأفغانية وتحسين الوضع البيئي في منطقة سورخاندريا"، كما هو محدد في الفقرة 14 من البرنامج. وفقًا لهذا البرنامج، سيتم إنشاء بساتين وكروم مكثفة جديدة في مواقع الحدائق وكروم العنب منخفضة الغلة والقديمة وغير المستغلة في المناطق المهددة بالرياح الأفغانية. سيتم تطبيق التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط وتركيب التعريشات لكروم العنب، كما سيتم تطوير سلسلة من التدابير، بما في ذلك إدخال أساليب مكثفة أخرى.
وبموجب القرار الرئاسي رقم 4204 الصادر في 22 فبراير 2019، "بشأن التدابير الرامية إلى تعزيز فعالية العمل لمكافحة التصحر والجفاف في جمهورية أوزبكستان"، تم تنفيذ العديد من التدابير النظامية في البلاد. وعلى وجه الخصوص، هناك 21.2 مليون هكتار من المراعي في الجمهورية، منها 16.6 مليون هكتار من المراعي الصحراوية و4.5 مليون هكتار من المراعي الجبلية والسفوحية.
ومن إجمالي مساحة المراعي، هناك 16.3 مليون هكتار قيد الاستخدام الدائم من قبل لجنة تنمية إنتاج الحرير وصناعة الصوف التابعة لوزارة الزراعة، و3.1 مليون هكتار تم تخصيصها من صندوق الغابات، والـ 1.8 مليون هكتار المتبقية تنتمي إلى منظمات أخرى.
يتم إجراء الدراسات الجيولوجية النباتية على المراعي من قبل المعهد العلمي والتصميمي الحكومي "أزدافيرلوها" التابع لوزارة الزراعة بتمويل من ميزانية الدولة المخصصة سنويًا.
وعلى وجه الخصوص، أجريت دراسات جيوبتانولوجية على 16.8 مليون هكتار من المراعي في الجمهورية. وتبين أن 13% من المراعي تعرضت للتدهور، في حين أظهرت 32% من المراعي انخفاضاً حاداً في الغطاء النباتي.
ومن المقرر بحلول نهاية عام 2024 استكمال الدراسات الجيولوجية النباتية على 4.2 مليون هكتار من المراعي، وتطوير خرائطها الإلكترونية الرقمية، وإعداد توصيات لتحسين حالة هذه المراعي وزيادة الغطاء النباتي واستعادة المناطق المتدهورة.
وبحسب الدراسات التي أجريت، يوجد 2,908 منشأة لإدارة المياه في مناطق المراعي، منها 1,014 بئراً عمودياً، و1,894 بئراً عمودياً.
وعلى وجه الخصوص، يوجد في جمهورية قره قوقستان 535 بئرًا، وفي منطقة بخارى 396 بئرًا، وفي منطقة جيزاخ 338 بئرًا، وفي منطقة قشقداريا 303 بئرًا، وفي منطقة نووي 1052 بئرًا، وفي منطقة سمرقند 210 بئرًا، وفي منطقة سورخاندريا 71 بئرًا، وفي منطقة خوارزم 3 آبار. ومن بين هذه الآبار، تم إنشاء 167 منشأة جديدة لاستخراج المياه في عامي 2023 و2024، وتم تركيب 36 وحدة لتوفير المياه.
ومن المقرر هذا العام تخصيص 21 مليار سوم من ميزانية الدولة لدعم إنشاء آبار الري.
في الفترة 2024-2026، سيتم اتخاذ تدابير لاستعادة 677 ألف هكتار من المراعي المتدهورة وضمان الامتثال لمتطلبات حماية البيئة في أراضي المراعي، والتي تعد واحدة من قواعد الأعلاف الرئيسية للماشية. سيتم تنظيم زراعة النباتات المغذية المناسبة لظروف المراعي الصحراوية في هذه المراعي، وسيتم تنفيذ نظام الرعي الدوري في المناطق ذات الغطاء النباتي المحدود. سيتم تنفيذ البذر باستخدام طائرات دلتا وغيرها من المركبات الجوية بدون طيار.
لتحسين حالة المراعي المتدهورة، يتم إنشاء نظام من البرك الصغيرة (الأحواض الصغيرة) و"الجيوب" تحت الأرض باستخدام وحدة المحراث الإيطالية Delfino 3، والتي ستجمع مياه الأمطار وتدفقات المياه، بالإضافة إلى موارد أخرى مثل التربة الخفيفة والمواد العضوية والبذور.
ويسمح تطبيق هذا النظام بالتراكم الكامل لمياه الأمطار في أحواض صغيرة، وتقليل التبخر بشكل كبير، وزيادة إنتاجية أعشاب المراعي، والحفاظ على التنوع البيولوجي في المراعي.
ولمعالجة التأثيرات السلبية لتغير المناخ، تم تنفيذ أعمال واسعة النطاق في إطار المشروع الوطني "ياشيل ماكون". وعلى وجه الخصوص، وفقًا للمرسوم الحكومي رقم 144-ف المؤرخ 7 مارس 2024، من المقرر زراعة 65 مليون شجرة وشجيرة في ربيع عام 2024.
في الممارسة العملية، تم زرع 66.6 مليون شتلة. ومن بين هذه الأشجار، زرع المزارعون والمزارع العنقودية على طول حواف الحقول 36.4 مليون شجرة زينة، في حين بلغت 30.1 مليون شتلة في البساتين وكروم العنب التي أنشئت حديثًا. وفي خريف عام 2024، تخطط المزارع والمزارع العنقودية لزراعة 37.4 مليون شتلة وشتلة.
وتعمل في الوقت الحالي 59 مشتلاً في المناطق، وقد أعدت ما مجموعه 22.4 مليون شتلة لإنشاء بساتين وكروم جديدة في أشهر الخريف من هذا العام، بما في ذلك 9.4 مليون شتلة فواكه و13 مليون شتلة عنب. وتحولت أوزبكستان من مستورد للشتلات إلى واحدة من الدول المصدرة: فخلال السنوات الثلاث الماضية، تم تصدير 7.5 مليون شتلة (بقيمة 2.8 مليون دولار) من الفاكهة والنباتات الأخرى.
في عموم الجمهورية، هناك 358 ألف هكتار من بساتين الفاكهة و196 ألف هكتار من مزارع الكروم. وفي عام 2024، تخطط جمهورية قرقل باغستان والمناطق الأخرى لإنشاء 26400 هكتار من بساتين الفاكهة و101 ألف هكتار من مزارع الكروم. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تنظيم إنشاء 43200 هكتار من البساتين الصناعية وكروم العنب في خريف عام 2024 وفي عام 2025.
وفي الوقت نفسه، تدعم حكومة أوزبكستان تنفيذ التدابير المشتركة مع البلدان الشريكة بهدف التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ ليس فقط على المستوى الوطني أو الإقليمي ولكن أيضًا على نطاق عالمي. وفي هذا الصدد، يتم تنفيذ مبادرات مهمة في طاجيكستان المجاورة وجمهورية أذربيجان لإنشاء حدائق الصداقة. وتكتسب هذه المشاريع أهمية لأنها تساعد في منع المشاكل العالمية مثل تغير المناخ وضمان الأمن الغذائي.
باختصار، تعاني كافة دول العالم اليوم من العواقب السلبية لتغير المناخ. وبالتالي، فإن تحقيق الأهداف المحددة في مكافحة هذه المشكلة أمر ممكن ليس فقط من خلال الجهود المشتركة للدول المجاورة، بل وأيضاً من خلال التعاون الفعال بين كافة دول العالم.