

فاطمة الأحمد
الكاتبة فاطمة الأحمد
عندما التقيتك لأول مرة، كنتِ أنثى ناعمة، جميلة، لا تفارق البسمة محياكِ. كانت عيناكِ تلمعان ببراءة الأطفال، تفيض بحب الحياة وتنعكس فيهما أشعة الأمل.
كنتِ كزهرة في بداية تفتحها، تنشر عبيرها في كل مكان، وتجذب الأنظار بابتسامتها الرقيقة.
لكن الزمن دار، وافترقنا، كل منا سلك طريقه، وغابت تلك الابتسامة عن ناظري. وعندما عدنا والتقينا من جديد، رأيت شيئًا مختلفًا. رأيت في عينيكِ عمقًا لم أعهده من قبل، خليطًا من التجارب والآلام، والضحكات والدموع.
لم تعد تلك البسمة البريئة كما كانت، بل أصبحت تحمل في طياتها حكايات وأسرار.
رأيت فيكِ قوة لم أكن أعرفها، قوة من صقلتها الأيام والتجارب. لم تعودي تلك الزهرة الناعمة، بل أصبحتِ شجرة وارفة الظلال، تقف شامخة رغم الرياح والعواصف، فيكِ الآن نضج وجمال جديد، جمال يأتي من الداخل، من روحكِ الصامدة.
عندما التقيتكِ لأول مرة، كنتِ أنثى ناعمة جميلة، وعندما عدتُ والتقيتكِ من جديد، رأيتُ امرأة قوية، عميقة، وجميلة بطرق لم أكن أستطيع تخيلها.
تذكرت لقاءنا لأول وهلة، كم كنتِ جميلة وأنيقة، صورتك لم تفارق ذاكرتي بفستانك ذي الألوان الزاهية، ورسمة عينيكِ وأحمر الشفاه الذي زاد من جمالكِ، كنتِ كلوحة فنية متقنة، تسرق الأضواء وتأسر القلوب.
مرّت الأيام، وها نحن نلتقي من جديد. لكن هذه المرة، لم أرى تلك البسمة الساحرة، ولا تلك الألوان الزاهية. رأيت في عينيكِ تعب الأيام، آثار الزمن الذي مرّ علينا، وتفاصيل التجارب التي عشناها.
رغم ذلك، هناك جمال آخر فيكِ الآن، جمال يأتي من الصمود، من القوة التي تراكمت في روحكِ. لم تعد تلك اللمعة البريئة في عينيكِ، بل أصبحت نظراتكِ عميقة، تحمل في طياتها قصصًا وأسرارًا لا يمكن للكلمات أن تصفها.
أنتِ الآن أكثر من مجرد صورة جميلة. أنتِ الآن رمز للقوة والصمود، للجمال الذي يتحدى الزمن. وبرغم تعب الأيام الذي أراه في ملامحكِ، أرى فيكِ جمالًا لا يبهت، جمالًا ينبع من داخلكِ ويشع في كل لحظة.

