اللواء ركن م -حسين محمد معلوي

١١:٣٦ م-٢٩ ابريل-٢٠٢٣

الكاتب : اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
التاريخ: ١١:٣٦ م-٢٩ ابريل-٢٠٢٣       40150


 مملكة الإنسانية .. 

كانت احداث المواجهات المسلحه في السودان التي انطلقت شرارتها فجأة في يوم السبت "١٥ مارس ٢٠٢٣ م " مؤشر على انفجار التراكمات السياسية السلبيه بين الأطراف المتنازعه وهي قيادة الجيش السوداني التي يقودها الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السياده السوداني وقيادة قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف ب حميدتي وكلاهما مؤسستان رسميتان وأوضاعها الوجوديه سليمه عرفاً وشرعاً وقانونياً . 
لم يكن الشعب السوداني ولا اغلب المراقبون والمحللون يتوقعون أن تتطور الأحداث في هذه الحرب التي سمتها بعض وسائل الإعلام ب " حرب البرق الخاطفه " الى مستويات خطيره تجر السودان ارضاً وشعباً الى الهاويه فشعب السودان وأرضه معرض بسبب هذه الحرب الغير مبرره للتشرذم والإنقسام الى دويلات وشعوب ، وهذا الإنفجار المفاجئ للأوضاع  جعل دول العالم التي لها ممثليات في السودان تتسابق لإخراج بعثاتها ورعاياها من السودان لإدراكها بأن احتمالات توسيع المواجهات بين الطرفين سيؤدي الى حرب اهلية طويلة الأمد وسيجعل من الصعب حماية بعثات هذه الدول ورعاياها واخراجهم دون خسائر  ، ولكن المشكلة لهذه الدول أن الإشتباكات وقعت بشكل مفاجئ إضافة الى أن اغلب الدول بعيدة جغرافياً عن السودان وليس لها قواعد عسكرية في المنطقه وهذه المعضله وضعت دول الرعايا والبعثات في مأزق أمام شعوبها لعدم قدرتها على إجلاء رعاياها بسرعة وأمن وسلام ، ومن هنا بدأ الدور السعودي الإنساني في اجلاء الرعايا السعوديين ورعايا كل دولة طلبت من السعوديه المساعده في اجلاء رعاياها ، فاستجابت حكومة خادم الحرمين الشريفين كعادتها الإنسانيه لطلبات المساعده وصدرت التوجيهات للسفارة السعوديه في السودان بقبول وتقديم المساعدة لكل من تقدم للسفاره السعوديه طلباً للمساعدة والإخلاء فجاء اليها الاف الرعايا من اكثر من (٥٨) دوله طلباً للمساعدة في انهاء إجراءآت ترحيلهم الى ميناء جده الإسلامي هرباً من الحرب الدائرة في السودان ومضاعفاتها ، علماً أن بعضهم ذهب الى سفارة بلاده ولكنها عجزت عن مساعدته ، وقد سجل أحدهم مقطعاً يقول فيه " أنصح أي شخص يريد السفر الى خارج بلاده أن لا يذهب الى اي بلد لا توجد فيه سفارة سعوديه " وهذه شهادة قالها كل من تم اخلائهم الى ميناء جده الإسلامي بعناوين الشكر والتقدير والعرفان بجهود وفضل السعوديه . وتنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده حفظهما الله ارسلت وزارة الدفاع السعوديه بعد التنسيق مع الجهات المعنية داخل السعودية وفي السودان عدد من سفنها وفرقاطاتها وطائراتها وبما اقتضته الحاجة والضروره للمساعدة في اجلاء الرعايا السعوديين وكذلك الرعايا الخليجيين ورعايا الدول الأخرى اضافة الى بعثات ورعايا الأمم المتحده في السودان . لقد استطاعت السعوديه حتى كتابة هذا المقال اخلاء ما يزيد عن (٣٠٠٠ ) إنسان من السودان الى ميناء جده الإسلامي " قاعدة الملك فيصل البحريه " . إن هذا الموقف الإنساني من حكومة المملكة العربية السعوديه تجاه رعايا الدول الأخرى قد أشاد به كثير من رؤساء الدول والحكومات وعلى رأسهم الرئيس الامريكي" جو بايدن" والأمين العام للأمم المتحده " انطونيو غوتيريش " وعدد من قادة الدول ورؤساء الهيئآت الدوليه .
لم تقتصر المساعده السعوديه على رعاياها ورعايا الدول الأخرى ورعايا المنظمة الدوليه بل انها شملت الرعايا السودانيين الذين كانو في ايجازات داخل السودان ويريدون العودة الى اعمالهم ووظائفهم خارج السودان وشملت الرعاية السعودية كذلك رعايا السودان الذين قدموا الى السعودية للعمره في رمضان ثم علقوا بها بعد احداث حرب الجنرالين حيث تم تأمين الرعاية والخدمات والسكن لهم حتى يعودون الى بلادهم بإذن الله سالمين .
إن هذه المواقف الإنسانيه للسعوديه ليست الأولى ولن تكون الأخيره ولقد سجل التاريخ ما قامت به السعودية  من مواقف انسانيه قادها مركز الملك سلمان العالمي للإغاثة في اليمن والعراق وسوريا وتركيا وباكستان وغيرها من دول العالم إضافة الى التبرعات النقديه السعوديه لمنظمات الإغاثه الدوليه بكل انواعها .. وهنا يستحضر المراقبون والمحللون لقب "مملكة الإنسانيه " ، الذي اطلق على السعودية منذو زمن واستحقته بجهودها بجداره واعتزاز .

  اللواء الركن .م. حسين محمد معلوي