

جيلان النهاري
فرحتي لا توصف..
بقلم: جيلان النهاري
الفرحة إحساس جميل مبهج للقلوب، الفرحة من أجمل نعم الله على البشرية تمنح لهم على مر سنين عمرهم، فمنهم من يفرح مرة في العمر ومنهم من تتكرر مرات عديدة، وتتفاوفت في عظم وكبر وصغر حجمها على مقدار الحدث وما هو وما أثره المفرح.
في هذا الشهر الكريم رأيت وجوها تتلألأ فرحة مسفرة متوهجة بأن رزقهم الله ما ينهي همومهم، وسمعت أصواتا بها نبرات الغبطة والفرحة تهتز أوتارها طربا حامدة شاكرة نعمة الله عليهم بأن أنهى لهم معضلة كانت تؤرقهم زمنا من حياتهم، كإنهاء عسرة مالية، أو حل مشكلة جعلتهم في حياة صعبة التقبل لأيامها، أو دحر وتسهيل عقبة كأداء كانت تقف أمامهم حجر عثرة في التقدم من تحقيق هدف هو حلم حياتهم.
إنه التكافل الإجتماعي، إنه حب الخير، إنه النفس الطيبة الخيرة، إنها الفرحة التي لا توصف لدى صاحب اليد السخية الكريمة الذي ينفق من سعته، وصاحب النفس الطيبة السليمة وما يقدمه من عمل يرجوا به رضا الله غير ناظر لمراقب يشيد بعمله أو متابع ليمدحه ويبجله، أو لمنافق يزين له الرياء ليلوث نفسه به.
الفرحة التي لا توصف حالة تبلغ أوجها في نفس المانحين عندما يرون مردودها الإنساني في وجوه، ويسمعها في أصوات من منحوهم هذه الفرحة، مؤمنين أن الله يسَّرها لهم ليبتهجوا بنفس مقدار تلك الفرحة التي رأوها وسمعوها.
بيوت عفيفة فرحت ببقاءها عفيفة ولم يُجرحوا في عفافهم، أناس شرفاء قضيت حاجاتهم بكل تودد وتقدير دون أن تُمَس كرامتهم بِمَّنٍ أو أذى، رجال ونساء معسرين أُنهِيَت قضايا إعسارهم بكل تواد وتراحم أخوي نالهم، فكانت فرحتهم لا توصف.
أبناء وبنات طلبة وعاملين وأباء وأمهات جاءتهم البشارات مبهجة مفرحة لأمر كانوا ينتظرون قدومه، أطفال يتقافزون ووجوههم بشوشة بعبارات الفرح أمام أسرهم وهم مجتمعين في هذا الشهر حقا فرحين بلقاءات جماعية أسرية تكاد تكون محل حلم لهؤلاء الأطفال يريدونها دائمة على مدار العام.
نحن اليوم ننتصف شهر الخير أو يزيد والفرحة لن تنقطع بأمر الله عن هذه الأرض المباركة مادام الخير في أهلها، وماداموا محافظين على دينهم وقيمهم وأخلاقهم وإنسانيتهم وتكافلهم وجمال سريرتهم وطباعهم وأعرافهم الجميلة.
فرحتي لا توصف شعور تجده عند كل من يقضي رمضان فوق تراب المملكة العربية السعودية ولو ليوم واحد في رحاب الحرمين الشريفين، ومدنها ومشاهدة طقوس شهر رمضان في البيوت والشوارع، وهذا ما لمسناه عن قرب وعبر وسائل التواصل الإجتماعي وجميع أنواع الميديا من عبارات الفرحة التي لا توصف في وجوه وأصوات زوار بيت الله الحرام من المعتمرين، وزوار مسجد النبي من جميع أقطار العالم ومن جميع اللغات والأعراق والأجناس.
أما نحن السعوديون فرحتنا لا توصف بعظم نعم الله علينا بملك حكيم كريم وشعب مجبول على الوفاء والأمانة، ورجال ونساء يعبدون الله بأنفس طيبة تسعى ببذل العطاء بكل ماتملك لنيل رضاه تعالى.

