محمد سعيد الحارثي

١١:٠٩ م-١٩ نوفمبر-٢٠٢٣

الكاتب : محمد سعيد الحارثي
التاريخ: ١١:٠٩ م-١٩ نوفمبر-٢٠٢٣       29810

النهار - محمد سعيد الحارثي

'

لتبقى طفلة الكلمات (أبها) ولو شاب الزّمان وصار كهلا.. 

حين ينقشع ضباب  أبها  حينها تنهمر قطرات الندى شعراَ لشاعر طالما تغنى بعشق محبوبته  أبها  بقصيدتة :"طفلة الكلمات" للشاعر محمد بن زايد الألمعي يقول متغزلا في  أبها  تلك المدينه التي لاتنام إلا وجدائلها منسدلة من على سفوح جبالها ووديانها، والتي تغتسل بسحبها محملة بمزنها ومن ينابيعها وشلالاتها التي تنساب جداولا.

وحين تكتسي ردائها الجميل بعد أن تحتجب في جنح الضباب لتتعطر بنباتاتها العطرية، ولكي يستنشق العاشق رائحتها الزكية التي تفوح بهذه الرشة، أفلا يحق له أن  ينتشي بها طرباً وعشقاً هائماً ومغرماً بحسنها.

هذا الشاعر الذي يمثل تجربة شعرية ثرية قبل أربعة عقود هي أكثر حداثةً وعصرنة، منقلباً على بيئة في حقبة لم تعرف ماذا تعني الحداثة؟، وبيئة غارقة في تفاصيل حياة شاقة تتغنى بالأرض التي هي توأم مع ذلك الإنسان، وكأنهما سياميان لا تنفصل روحهما عن بعض.

هذا الإنسان الذي سقى حقول هذه الأرض بعرقة، حين يأتي موسم الحصاد هو ذلك الإنسان الذي أنتج لنا لوحة فنية جميلة من تلك الحقول المورقة والمثمرة، هذا الشاعر الجميل محمد زايد الألمعي، يقول في هذه النصوص لهذه الصورة الجميلة والأنيقة والرائعة كاروعة وتأنق أبا عبدالخالق:   

فألقي وجهك المطريّ نحوي 

وعلّيني على شفتيك علاّ 

ولفّيني بعطر ثراك حتّى 

أشعّ سنابلاً وأكون حقلاً 

وأورق غابة وأطير طيرا 

وأقطر في الصّباح عليك طلاّ 

أديرك كأس آمالي وعشقي 

وأرسم في جبينك لي محلاّ 

ولوقال الزّمان: أدر سواها 

وجرّب غير تلك لقلت: كلاّ 

هي الألم المسافر في حروفي 

أيا  أبها  تفتّش عنك عيني 

وأنت على مدار القلب خجلى 

كأنّ جمالك الأبديّ روح 

إذا نزعته نازعة تجلّى 

فصبّي من دمائك في دمائي 

فهذا الحبّ من دمنا تدلّى 

ليصبح سلسل الكلمات نهراً 

ويخرج كلّ حلو منك أحلى. 

وما أغبى القصيدة حين تجثو 

على باب الحقيقة وهي وجلى 

ويغدو الصّمت فاتحة المعاني 

ويغرس في جبين الشّمس نصلا 

لتبقى طفلة الكلمات (أبها) 

ولو شاب الزّمان وصار كهلا.