

جيلان النهاري
الرفيق الذي يبعد عنك بالمسافات أو يغيبه القدر.. ويخفق قلبه بين ضلوعك.
بقلم: جيلان النهاري
منذ أن يصبح المرء مضغة وهو يرافق أعظم صديق له في الحياة ممثلا في الأم الذي تغذى من دمها وهو جنينا في رحمها إلى أن يلامس جسده الهواء ويصرخ صرخة الحياة ليبدأ رحلته في الحياة برعاية هذه الأم العظيمة التي أحتضنته في رحمها وتحتضنه بين ذراعيها وتغذيه بلبنها إلى أن يصبح طفلا ومن ثم تعتني به إلى أن يصبح غلاما ثم شابا فرجلا يبدأ له التواصل مع من حوله من المعارف والأصدقاء ويخوض تجارب البناء الشخصي من تجارب الحياة ونتائج علاقاته مع من حوله.
لا نغفل الرفيق المعلم الحاضر في حياته والده الذي سانده وأعطى له العبر والنصائح وأهدى له الإسم الذي يحمله إلى أن تقوم الساعة معتزا ومفتخرا بأبيه الذي لا ينسي رعايته له مع أمه ليصبح رجلا يستطيع أن يدير حياته كما يجب.
الرفيقان الأكثر عِظَما في تاريخ الرجل هما والديه، فما أرقهما وما الطفهما عليه.
في حياة الكثير منا من فارق والديه أو أحدهما وهو لا يزال في سن أصغر من سن التمييز، ومع ذلك شق طريق حياته وهو لا يعلم أن هناك الرفيق الأعلى الله سبحانه وتعالى الذي يقدر الأمر له في حياته ويرعاه بلطفه وعنايته الإلهية حتى يصل إلى القدرة التي يستطيع أن يختار فيها مسلكه في الدنيا وهي خيارات تحدد سعادته وتعاسته الناتجة من حسن أو سوء إدارة قراراته.
الرفيق المعلم بعد الوالدين هو من ساعد هذا الرجل في إكتساب المعرفة والسلوك في مراحل حياته الأولى في صفوف الدراسة أو الممارسة للأعمال حتى يصل للنضج الذي يسلك به طريقه نحو الحياة، وهذا النضج قد يجعل من هذا الرجل أن يكون مفيدا وقد يكون مخربا لحياته بحسب ما أكتسبه من مهارات أكتسبها في مراحل عمره التي عاشر فيها العديد من أخلاق وطباع الشخصيات التي قابلها وقضى معهم وقتا أحبهم فيها أو على الأقل أعجب بهم، حتى أن يصل لقناعة نفعهم له، أو قد يصدم بآماله فيهم.
في هذه الحياة ونحن في سن الشباب نحيا بالاصدقاء الذين حولنا، وقد نصل للرفيق الذي يسكن قلبه ضلوعنا حتى نصل لدرجة أننا لا نستطيع الاستغناء عن حسه في يومياتنا حتى وإن فارقت بيننا المسافات أو حتى الأيام ومشاغل الحياة وأحيانا تفارق بيننا الأقدار وتغيبه عن دنيتنا ظروف الموت.
فالرفيق الذي يشاركك الدم أخوك وأختك، والرفيق الذي يشاركك بناء الأسرة الزوجة، والرفيق الذي يحتاجك أن تبنيه ليكون فخرا لك الإبن والإبنة، والرفيق الذي تشعر به في خارج محيطك العائلي الصديق الصدوق الوفي لك الحافظ لطباعك الكاتم لأسرارك الذي يقف معك في ظروفك الذي يتفاعل مع أفكارك بإيجابية تشعرك بأن الحياة الدنيا هي السعادة وممر لكما لتكون آخرتكما رفيقان في الجنة بتوفيق الله العلي القدير.
الرفقة الصالحة عبادة إذا أخلصت لله وفي الله، فكل من يعمل لذلك سيجد السعادة هي الطريق إلى النعيم الأبدي في الآخرة.
فاللهم لنا رفقاء عبدوك بصلاحهم معنا الأم والأب والأخ والأخت والزوجة الصالحة والإبن والإبنة والأصدقاء الصالحين في الحياة منهم من يحيا معنا هذه الحياة ومنهم من فارقنا إلى دار الآخرة أو حتي باعدت بيننا المسافات أو الظروف القاهرة ولكن قلوبهم تسكن خلف ضلوعنا حتى تلهج ألسنتنا لهم في صلواتنا بالدعاء أن تجمعنا بهم جمعا لا فراق بعده فإن لم يكن في الدنيا ففي جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين، لننعم جميعا برؤية وجهك الكريم.

