

جيلان النهاري
سبتمبر.. وذهب شهر أيلول.. وفيروز.
وخريف العمر أجمل مراحل الحياة..
بقلم: جيلان النهاري
أيام الشباب وسنون المراهقة كانت طيش حركي أو مجهود مضاعف، والمتعة تكاد تنتهي في وقتها، والإرهاق يتبعه التعب والكسل ومن ثم الاستعداد لمغامرة طائشة أخرى.
عندما نضع قدمنا كأول خطوة في سن الأربعينات ونتعمق في السير إلى الخمسينات نكون في مرحلة سنِيَّة نستمتع بكل أحداث الحياة، وبجمال لذتها ورونقها وتعابير طقوسها التى تستقيها من الخبرات المتراكمة عبر سنين الشباب وطيشه، ومجهوده وتعبه، وتجارب الفشل والنجاح ومغامرات وتحديات الأحداث والظروف في زمن الإنفعالات الطبيعية في سرعتها بحكم تكون الحكمة في ذاتنا الشخصية عبر مراحل العمر بعد البلوغ إلى أواخر الثلاثينيات.
هذه حقيقة لنا أن نعرفها نحن ككل رجالا ونساء نتجاوز سن الأربعينيات ونخوض مراحل الخمسينيات من العمر، إنه سن الذهب الإنساني، سن الرقي الفكري والنضج الحكيم للعقل والسلوك حتى في طيشه ومتعه.
ففي شهر أيلول نحن نتدحرج قليلا قليلا من الصيف إلى الخريف، والذي دائما ما يذكرنا هذا بأجمل طقوس فصل الخريف التي تلتقي بأجمل أيام خريف العمر في تحولات حياتنا التي نعاصرها ونستمتع بطقوسها.
حقيقة تشعرك تلك الطقوس في خريف العمر أن كل نظرة وكل همسة وكل كلمة وكل حركة وكل لغة تشعرك أنها تصرف ناضج في ماهيته أيا كانت، قمت أنت به كان بمتعة حتى مشاعر الغضب تجدها ممتعة.
دائما تجد التأمل والتمعن في المواقف والأمور صفة خريف العمر، دائما تتلهف إلى البهجة الكاملة، وتتلقف أجود النتائج منها.
أهلا بصوت فيروز ونحن نتحين الهواء الدافيء مع زخات المطر مع المساء لنستيقظ الصباح على شمس مشرقة تلفح وريقات الأشجار الخضراء بأشعتها الذهبية لتجعل لونها ذهبا ينصع لمعانا مصفرَّا.
ورقَهُ الأصفر شهر أيلول.. تحت الشبابيك..
ذكرني ورقَهُ ذَهبْ مشغول.. ذكرني فيك.
حقيقة لا أمل من سماعها كل صباح طيلة شهر أيلول، ففي كلماتها تقول: [ذكرني فيك].
فهي تذكرني في كل مراحل حياتي وكل شخص ترك فيها علامة جميلة جعلتني سعيدا، وكل علامة أو ندبة آلمتني، فتكونت من تلك السعادة والألم شخصا ناضجا جاهزا لكل حدث بمقدار يتفق وحجمه إن كان فرحا أو حزنا.

