النهار
بقلم - محمد الفايز
لم تكن زيارة سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض حدثًا عابرًا يمكن أن يمرّ في زحمة الأخبار؛ بل كانت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل العناوين الأولى في الصحف العالمية، وتحولت إلى محور تحليل لدى كبرى القنوات ووكالات الأنباء، وإلى مادة يتناولها المختصون وخبراء العلاقات الدولية في حواراتهم ونشراتهم وتقاريرهم. هذا الزخم لم يأتِ من فراغ؛ إنه امتداد طبيعي لعظمة قيادة سعودية أعادت رسم ميزان القوى، وفرضت معادلة جديدة تقوم على مشروع وطني صادق، ورؤية تغيّر شكل المنطقة والعالم. رؤية جعلت من السعودية ليست مجرد لاعب مؤثر، بل مركز ثقل سياسي واقتصادي يُعاد عنده ترتيب الأوراق وتُصاغ مسارات المستقبل.
ولأن الحديث عن سموّ ولي العهد ليس كأي حديث، يشعر الكاتب وهو يمسك قلمه أن الكلمات تتقدّم إليه قبل أن يكتبها؛ شعور بالاعتزاز والفخر، وكأن التعبير عنه ليس جهدًا لغويًا بقدر ما هو انسياب تلقائي لهيبة قائد صار عنوانًا للمرحلة كلها. فالزيارة لم تكن مجرد بروتوكول سياسي، بل مشهدًا لا يشبه المشاهد، مشهدًا يشبه الدولة التي صنعت هيبتها بصدق مشروعها.
فعندما تسبق راية التوحيد قائدها إلى شرفات البيت الأبيض، وتبقى خفّاقة لأيام قبل وصوله، فذلك ليس ترتيبًا بروتوكوليًا… بل إعلانًا سياسيًا بلا خطب: السعودية ليست ضيفًا، بل دولة قيادة، وعاصمة قرار، وشريك لا تُفتح الملفات الكبرى إلا بحضوره.
هذه هي المملكة حين تتقدّم، وهذا هو الأمير محمد بن سلمان حين يصل: لا يدخل المشهد، بل يعيد تشكيله. لا ينتظر الترحيب، بل يفرض احترامه. وترتفع معه الراية ليعرف العالم من جديد معنى القوة التي تُبنى على رؤية لا على صدفة، وعلى مشروع دولة لا على لحظة عابرة.
وهكذا… تتحول زيارة واحدة إلى حدث دولي، وتتحول خطوات قائد إلى فصل جديد في تاريخ المنطقة، وتتحول السعودية ـ كما أرادها ـ إلى الرقم الأصعب في كل معادلة.