النهار

١٢ نوفمبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ١٢ نوفمبر-٢٠٢٥       6490

بقلم - سلمان المشلحي

الخبرات لا تقاس بعمر السنوات، بل بعمق التجارب، والزعامات لا توزن بالمناصب، بل بما تمتلكه من بصيرة وحكمة وقدرة على صناعة التحوّلات الكبرى في الأوقات المفصلية من تاريخ الأمم.

في هذا الزمن المضطرب، حين تتقاطع الأزمات وتتزاحم القضايا، تتجه الأنظار إلى القادة الذين يصنعون الفارق، إلى أولئك الذين يواجهون العواصف بثبات وإيمان؛ وفي مقدمتهم الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير  محمد بن سلمان  بن عبدالعزيز آل سعود، الذي يتهيأ لزيارة واشنطن — مركز القرار العالمي — في الثامن عشر من نوفمبر الجاري، حاملاً هم الأمة ومسؤولية الحاضر والمستقبل.

إن ترقب الشعوب العربية والإسلامية لهذه الزيارة ليس انتظاراً لموعد عابر في أجندة اللقاءات السياسية، بل هو إيمان بأن المملكة — في ظل قيادتها الرشيدة — قادرة، بعد توفيق الله، على أن تكون صوت الحكمة ورمز الاتزان في عالم فقد توازنه.

فثقل المملكة ومكانتها لم يأتيا من فراغ، بل من تاريخ مجيد وشعب لا يعرف المستحيل، ومن قيادة عركتها التجارب وصقلتها المسؤولية، فصارت عنواناً للمصداقية والحنكة السياسية.

لقد كشفت المتغيرات الأخيرة زيف الشعارات الرنانة التي خدعت الشعوب ردحاً من الزمن، وأثبتت أن الحق لا يصان إلا بالعدل، وأن البناء لا يتحقق إلا بالحكمة والعقلانية، وهما سمتان لازمتا نهج المملكة منذ تأسيسها وحتى اليوم.

لقد أنعم الله علينا بأسرة كريمة تتوارث المجد والحكمة كابراً عن كابر، تعرف كيف تحمي الوطن، وتوازن بين طموح التغيير وواجب الثبات، فلا تفرط في أمنها، ولا تغامر بمستقبلها، بل تسير بخطى واثقة نحو الغد المشرق.

ها هو الأمير محمد بن سلمان، في رحلته المنتظرة إلى واشنطن، يحمل على عاتقه قضايا الأمة، ويستشعر آلام شعوبها، وفي القلب منها قضية فلسطين التي أثخنتها الجراح وتوالت عليها النكبات، فليس للفلسطينيين — بعد الله — من سند أقرب، ولا من موقف أصدق، من مواقف المملكة، حكومةً وشعباً، التي لم تزل تواسيهم وتدافع عن حقهم في حياة كريمة، وأرض آمنة، ومستقبل يليق بصبرهم وتضحياتهم.

وكذلك الحال في السودان، حيث يئن الأشقاء تحت وطأة الجوع والقتل والتشريد وضياع الكرامة، والعين ترنو إلى دور المملكة في إنقاذ الأرواح ووقف نزيف الوطن المُنهك.

إن الشعوب اليوم أنهكتها المزايدات، وملت من الوعود الفارغة، وتبحث عمَّن يمد لها يد العون والمساعدة، والمملكة بقيادتها الحكيمة، كانت وستظل المرفأ الآمن، والبوصلة التي تعيد تصحيح المسار وتستعيد للأمة توازنها وكرامتها.

سيدي محمد بن سلمان، إنك تمضي في رحلة تاريخية تتجه إليها الأبصار والقلوب، محملةً بالأمل والثقة. 

أنت لها، وأنت أهلُها، فأنت من حمل راية التغيير، وبنى الحاضر، ويرسم ملامح المستقبل بثبات وشجاعة ورؤية تدهش العالم.

عين الله ترعاك، وكلنا — ومعنا الملايين من شعوب الأمة — ننتظر البشائر التي ستصنعها حكمتك، وتزفها للعالم، بوصفك صوت العقل في زمن كثرت فيه الأصوات وتاهت فيه البوصلة.