الكاتب : النهار
التاريخ: ١٦ اكتوبر-٢٠٢٥       32835

بقلم - آمنة بنت خليل عسيري

المدير الحقيقي..ليس منصبًا يُمنح ولا كرسيًّا يُشغل فحسب؛ بل روح تُدار بها القلوب قبل المكاتب وتُقاس بها القيم قبل المؤشرات.

هو الذي إذا حضر أنار المكان بفكره، وإذا غاب ظلّ المكان يستضيء بروحه..
هو الذي لا يوقظ الهمم بالصوت؛ بل يُشعلها بالقدوة، ولا يُسيّر العمل بالأمر بل يُلهمه بالإخلاص.

المدير الحقيقي.. لا يُعرف بما أنجزه لنفسه بل بما أنجزه من خلال الآخرين..
يُعلّمهم أن الطموح لا يُورّث؛ بل يُستلهم.
وأن السعادة في بيئة العمل ليست رفاهية؛ بل طاقة نجاح تُنير الجميع.

هو من يغرس المعنى قبل المهارة..
ويزرع الاحترام قبل النظام..
وحين يرحل يبقى التخطيط منهجًا..
والتوجيه عادة..
والنية الحسنة قاعدة.

المدير الحقيقي.. لا يترك وراءه ملفات منظمة فقط؛ بل نفوسًا تعرف طريقها، وأفكارًا تمضي وحدها بثقة لأنه خطّ لها المبدأ.

هو الذي يُغادر المكان جسدًا..
لكن بصمته تبقى كأنه ما زال يقف هناك..
يبتسم عند كل إنجاز..
ويبارك في الغيب كل خطوة ناجحة.


إن فضل  المدير الحقيقي  لا يُمحى بتقويم إداري، ولا يُقاس بسنوات أو بأرقام؛ بل ببقاء أثره في النفوس، وصداه في الممرات وضيائه في تفاصيل المكان.


هو من علّمنا أن الإدارة ليست تسييرًا للمهام..
بل رعاية للنفوس، وتغذية للأفكار، وإحياء للروح الجماعية.

المدير الحقيقي.. لا يُقاس بمقدار ما يملك؛ بل بمقدار ما يُلهِم.

هو الذي يحمل الفكرة في صدره، والنية في قلبه، والعزم في خطاه..
فإذا نطق كان توجيهًا، وإذا سكت كان إلهامًا.

وإن غاب بقي فكره يعمل كأنه ساكن في أركان المكان..قاطن بين جدرانه..حيّ في ضمائر من صنعهم بفكره، واحتواهم بعطائه.